سامية حسن.. القائدة الحكيمة

رقية الشرجية

لفت انتباهي كثيرًا الاستقبال الحافل المليء بالودِّ والتقدير، لفخامة سامية صولحو حسن رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة، ولن أبالغ إذا قلت إنني لمستُ اهتمامًا كبيرًا جميلًا وغير عاديٍّ بهذه السيدة القوية والحازمة كما يبدو لي، والقائدة الحكيمة بلا شك.

ربما كان ذلك نابعا من رغبة خفية في احتضان الماضي (المشرق) "الامبراطورية العمانية" الممتدة من قديم الأزل، والتي انقسمت في وقت متأخر لفرعيها مسقط وزنجبار.

ما رأيته من استقبال حافل للسيدة سامية حسن جعلني أنظر بإعجاب كبير كم يتعلق الإنسان بماضيه، ويحنّ إليه حنانًا عجيبًا بغض النظر عن ماهية ذلك الماضي، حتى إنه ما إن تحين له الفرصة حتى يلفّه بين ذراعيه طالبًا من الزمن أن يتوقف مشكورا مغمورا بالحب عند تلك اللحظة الجميلة أحيانا، وربما المؤلمة أحيانا أخرى.

لقد رأيت في كل يد صافحت السيدة سامية حسن حضنًا لقريب في زنجبار.. أخ.. عم.. خال.. أخت.. ابن أخ.. وكثير لم تسنح لهم الفرصة ولم تنصفهم الحياة للعودة إلى أحضان البلد الأم. ولا شك أن كثيرًا منهم قد مدّ جذورًا أخرى على شاطئ زنجبار، لكنه بالتأكيد ما زال يحنّ للغصن الصغير في مسقط.

كنت أرى في تلك الأيدي الممتدة بالسلام كثيرًا من الألسنة التي لم تنطق، لكنها تبحث عن غائب سافر في "خشبة"، مختبأً تحت الكثير من الأمتعة، منطلقًا من صور العفية ليصل للضفة الأخرى، بحثًا عن الرزق في وقت شحّ فيه كل شيء. كان يبحث في الشق الثاني من الإمبراطورية الممتدة عن ضوء صامد لا تُخمد فتيلته بعد المغرب ولا يُغلق باب العاصمة فيه عند السادسة مساء؛ ليظل من هو خارج مكانه، كما يظل الداخل محبوسًا بظلمته كذلك. وما إن تغير الوضع ودارت الدائرة وقامت الثورة وحدث ما حدث، في واقعة تظهر فيها جميع المتناقضات غير المنطقية في آن واحدٍ.

لكن رغم ذلك، ما زلتُ أرى أن زنجبار هي رائحة كل الغائبين الذين يملؤنا بالشوق لهم، وإن لم نعرفهم، وما زلتُ أُجزم أن كل ابتسامة على وجه من كانوا برفقة السيدة سامية حسن من الجانبين العماني والتنزاني هي قصيدة شوق طويلة غُلِّفت بالكثير من الحب والكثير جدًا من العتب الجميل؛ قصيدة -للأسف- نُظمت ولن تُلقى!

لقد حللتِ أهلًا ونزلتِ سهلًا سيدتي الجميلة سامية صولحو حسن في بلدك الثاني عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك