أيها المعلم كن قويًا وشامخًا

 

سالم بن نجيم البادي

المعلم حامل لواء العلم ومربي الأجيال ووريث الأنبياء وله الفضل على كل مبدع في كل العلوم، وهو مساهم في كل تقدم حضاري يخدم البشرية وليس في العلم فقط وإنما في الدين والأخلاق والمثل والقيم.

وتدين البشرية للمعلم ببناء العقول والنفوس السوية وزرع الطموح في نفوس الناشئة فإن بذرة كل تميز تبدأ في المدرسة وكل موهبة وهواية تكتشف غالباً على أيدي المعلم المخلص الذي يرعاها ويتبناها ويشجع صاحبها ويحفزه، وللمعلم الدور الذي لا يضاهى في التأثير على شخصية الطالب فهو المثل الأعلى والقدوة الحسنة، ولقد ساد في هذه الأيام الحديث عن استياء المعلمين من زيادة الأنصبة من الحصص وتأخر الترقيات وكثرة الأعباء الملقاة على عاتق المعلم.

ومن المعلوم أن عمل المعلم مستمر على مدار اليوم وبعد الدوام عليه أن يقوم بالتحضير الذهني والكتابي والبحث عن الوسيلة المناسبة ويفكر ويخطط لسير الحصة في الصف، وكيفية تحقيق الأهداف التي كتبها في سجل التحضير، وعليه تحضير الدرس إلكترونيا وعرضه عبر شاشة العرض وما يسبق ذلك من تنسيق وتجهيز الأدوات، وعلى المعلم متابعة الأعمال الكتابية للطلاب وتصحيحها والتعليق عليها.

ومن مهامه إعداد خطط توزيع المنهج، وخطط علاجية للطالب متدني التحصيل العلمي وخطط إثرائية للطالب المجيد، وعليه الاستعداد لزيارة المشرف التربوي وزيارة مدير المدرسة ومساعد المدير والمعلم الأول وما يعقب ذلك من جلسات لمناقشة التوصيات والتوجيهات، وعلى المعلم حضور المشاغل، وتنفيذ أوراق عمل من أجل الإنماء المهني ونقل أثر التدريب الذي حصل عليه إلى زملائه في المدرسة وتطبيق ما تعلمه في المشاغل في الصف وهو يعلم الطلاب وعليه أن ينوع من أساليب التدريس ويطبق استراتيجيات تدريس مختلفة وملاحقة التطورات في مجال المادة التي يدرسها ويبتعد عن الطرق التقليدية والقديمة في التدريس.

وعليه إعداد الامتحانات المستمرة وتصحيحها ورصدها وتصحيح الامتحانات النهائية والمراقبة في لجان الامتحانات وتحليل الامتحانات، كما إن من مهام المعلم المشاركة في الأنشطة المدرسية والإشراف اليومي، وتحمل حصص الاحتياط وريادة أو مايسمى مربي الصف وما يتبع ذلك من الإشراف اليومي على طلاب ذلك الصف وقد يطلب منه عمل تقوية للطلاب أو تنفيذ حصص صفرية، وليس هذا فحسب فهو يواجه مشكلات يومية لا حصر لها مع الطلاب من سلوكيات غير مرغوبة وصراعات بين الطلاب وتخريب للأثاث المدرسي.

وقد يواجه بعض المعلمين عدم الاحترام والتقدير من بعض الطلاب وإطلاق الألقاب التي تدل على السخرية ويواجه، التمرد والمشاكسة وبعض الطلاب ينقلون أخبارا غير صحيحة إلى ذويهم بهدف الكيد للمعلم أو طلبا للشفقة والاهتمام من ولي الأمر وقد يصدق ولي الأمر ابنه دون التحقق من صحة ما نقله إليه، وإن من المصائب التي يواجهها المعلم إلقاء اللوم الكامل عليه عند إخفاق الطلاب ورسوبهم والاعتقاد بأنَّ المعلم هو المقصر على الدوام، والمعلم المتفاني في عمله يشقيه الطالب البليد ويجلب له الهم والغم، وهو يحاول ويجرب لعلاج مشكلة الضعف عند هذا الطلاب دون جدوى في الغالب.

ويعتقد أن المعلم للأسف فقد- أو كاد أن يفقد- مكانته المرموقة في المجتمع وعند الطلاب إلا أنه لا يمكن التعميم وفئة من المجتمع والطلاب لا يزالون يحترمون ويقدرون المعلم ويعرفون فضله. وقد يتعرض المعلم للضغوط في علاقته مع زملائه وإدارة المدرسة والمشرف التربوي وإن كان هذا يحدث نادرا.

وبرغم كل ما ذكر فإنه لا يليق بالمعلم أن يكثر من الشكوى والتبرم والبكائية والمظلومية مع التسليم بحقه في المطالبة بحقوقه وتخفيف الأعباء عنه، لكن بكبرياء وعليه أن يمشي مزهوا بنفسه ومفتخرا بعمله وان يبث روح التفاءل والأمل بين طلابه وأن يبتعد عن السلبية لأنه القدوة للطلاب وأن يثق بنفسه وبدوره العظيم في الحياة وأهمية العمل الذي يقوم به وأن لايلتفت إلى كل ما هو مثبط، وإلا يعتقد أنه يستحق الشفقة وهو القادر على المطالبة بحقوقه ولا يحتاج لمن يتكلم باسمه أو يصدر بيانا لا يفيد ولا جدوى منه وسيبقى المعلم عزيزًا وكريمًا وشامخًا والمستحق للتكريم والاحترام والتقدير والتبجيل من الجميع، وهو الذي كاد أن يكون رسولًا.