بين المتردية والنطيحة.. أجناس غريبة!

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

ما يحدث حولنا من مُتغيرات غريبة يبقى خلالها أولي الألباب غرباء حائرون، ويبقى عامتهم في شقاق بين الحق والباطل، وبين متردية القوم ونطيحتهم الذين استخفوا بهم وبدينهم في سلوكيات غريبة، نبذها المجتمع، وفُرضت عليهم دون رقيب، يقطع تلك الممارسات التي ستهوي بالمجتمعات إلى أتون سحيقة من التخريب الثقافي والمعرفي لأبناء المجتمع وللمجتمع ككل، من أجل احتلال واختلال العقول النيرة بنور الدين والإسلام القويم والأخلاق الحميدة، والتي قادت الناس قبل 14 قرنًا إلى النور من ظلمات الجاهلية السائدة البائدة بضياء الحق المبين وصلاح دنيا العباد وصلاح آخرتهم؛ حيث أصبح من بيننا إمعات ترسل إلينا كل شائكة وفاسقة لتركب بحار هواها في مجتمعاتنا المتماسكة بعقيدة سمحة راسخة وأخلاق امتدح بها الصادق الأمين- صلى الله عليه وسلم- أهل هذا البلد الكرام فكانوا عند حسن الظن في كل العصور.

اليوم دُخل علينا من جميع الاتجاهات والمِلل المُضلِّلَة لنكون منهم أو نصدق على الأقل دعواهم في أفعالهم الخاطئة؛ لنسير إلى دروب الهلاك معهم، وفي أطُر مدروسة وممنهجة، ظاهرها والعياذ بالله الخير، وباطنها الخبائث، من خلال حرية الأديان والعبادات والتسامح الديني وغيرها من المسميات التي أُطلقت بخطط مدروسة لتحييد أجيالنا التي انشغلنا عن الاهتمام بها؛ لتضيع في مسارات مثل هذه الشعارات البراقة بأمل إنقاذ نفسها من الجهل الى النور والصلاح.

يقول تعالى: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".

اليوم.. انبرى الجميع للدفاع عن معتقداتهم وتنفيذ الخطط في توسعة تلك الأفكار والعقائد الفاسدة في بقاع الأرض، وتركناهم يغزون بلادنا دون التفات لنواياهم الخبيثة؛ حيث لم ينجحوا حتى في بلادهم بما ينادون به من شرائع غريبة الأفعال والمعتقدات، وجاءوا إلينا لبث سمومهم الغريبة النتنة التي يعافها كل مؤمن غيور على وطنه ومجتمعه.

ما نشهده اليوم وسنشهده غدًا، إذا لم يتم مجابهته وقطع أوصاله وأوتاره، سيتعاظم؛ فهي البداية فقط، والقادم أكبر، فلا استخفافَ بما يحدث، فهُم اليوم يردون معروف ودين الوطن الذي نزفوا من خيراته الكثير واحتوى أبناءهم ومجتمعاتهم في تعايش سلمي، لم يجدوه حتى في أوطانهم، ويريدون اليوم رمي سهامهم في الاعتراف بأفكارهم ومعتقداتهم الغريبة الأطوار، المنافية للفطرة السويّة في تحدٍ صارخٍ للإسلام دين الله الأوحد للإنس والجن، وتحدٍ لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرُسل للناس كافة.

يقول تعالى: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ".

إنَّ ما يحدث- تحت أي مُسمى- هو هجوم واضح المعالم على دين الله الذي ارتضاه لعباده خيرًا ونورًا وهدايةً إلى الصراط المستقيم؛ ليَحيا الإنسان حياة كريمة في دنياه وينال رضا الرحمن وحسن الجزاء في آخرته.

يقول تعالى: "إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ".

فباسم التسامح الديني رأينا ممارسات عديدة يجب الوقوف أمامها بصرامة، ودراسة تداعياتها وآثارها على المجتمع وأبنائه، من خلال تعاضد جميع الجهات المعنية لقطع دابر الأمر.

عُمان تربتها نقية طاهرة، لا ترضى أن تنبت فيها تلك النباتات النتنة السامة، التي لن تأتي إلا بالخراب لتلك التربة، التي يشهد لها القاصي والداني بصلاحها، مهما فسدت تُرب الأوطان الأخرى، فلن تجد من عُمان وأهلها وشعبها إلّا روائح الصلاح والفلاح؛ فبذورها مُعلقة بدين الله، وزرعها يُسقى بماء الأخلاق العظيمة، والتي ستبقى خالدة- بإذن الله- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وبإذن الله كذلك ستتكسر رؤس كل متردية ونطيحة، حملت تلك الأجناس والمعتقدات الفاسدة أمام مجتمع امتدحه وأثنى عليه ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حفظ الله أوطاننا وسلطاننا وأبناء شعبه الأوفياء لدينهم ووطنهم وسلطانهم من شر كل رزية، وأيدهم بنصر الله والحق المبين، في مواجهة أي مفسدةٍ تحل ببلادهم، ورزق الله عُمان الخير والأمن والأمان والسلام في كل الأزمان... اللهم آمين.