"ستعرفني من دبابيسي".. مادلين أولبرايت المرأة الأفعى!

 

 

حمد الناصري

 

أعلنت أسرة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، أن "أولبرايت توفيت، الأربعاء 23 مارس في واشنطن، عن 84 عاما". وذكرت أسرتها في تغريدة عبر "تويتر": أن السيدة أولبرايت التي شغلت منصب وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عام 1997، أنها توفيت بعد مُعاناة مع مرض السرطان".

 

كما شغلت مادلين أولبرايت منصب مندوب واشنطن الدائم في الأمم المتحدة بدءًا من 27 يناير 1993 وحتى 21 يناير 1997، قبل توليها قيادة الخارجية الأمريكية، في عهد بيل كلينتون في 5 ديسمبر 1996 وظلت في منصبها حتى 20 يناير 2001. وكانت تنتمي إلى الحزب الديمقراطي الأمريكي. وهي الوزيرة الـ64 للخارجية الأمريكية واسمها الحقيقي ماري آنا كوربولوفا، ولدت في 15 مايو 1938 في براج (عاصمة التشيك حاليًا)، وهاجرت مع والديها إلى إنجلترا في العام 1939 وهي في الثانية من عمرها. ثم انتقلت عائلتها إلى الولايات المتحدة وفي الخمسينيات حصلت على الجنسية الأمريكية وحصلت في السبعينيات على درجة الدكتوراه، ثم عينت موظفة في مجلس الشيوخ.

وتُعد مادلين أولبرايت أول امرأة تشغل منصب وزير الخارجية الأمريكية. وأثناء توليها هذا المنصب، استخدمت أداة غير تقليدية وفعَّالة في مُمارسة الأمور الدبلوماسية نيابة عن الشعب الأمريكي، عبارة عن  مَشابك (بروش) كانت تُثبتها على صدر بدلتها خلال المناسبات المختلفة. وقد عُرف عن وزيرة الخارجية الأمريكية الراحلة مادلين أولبرايت، أنها دائماً ما تضع دبوساً على ملابسها، ومع أنّ البروتوكول يفرض على الشخصيات الرسمية وضْع علم بلادها، إلا أنها اختارت بروتوكولا بديلاً. ويصفها خبراء السياسة بأنّ نفوذها على المستوى الدولي يُضاهي دور مارجريت تاتشر رئيسة الحكومة البريطانية في ثمانينيات القرن الماضي.

وبدأت دبلوماسية الدبابيس بقصة "دبوس الأفعى الشهير" الذي ارتدته أولبرايت في تحدٍّ للزعيم العراقي الراحل صدام حسين.

وفي موقع "قناة الحرة"، تروي أولبرايت القصة قائلة، إنها "في عام 1993 كنت سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة، ومع نهاية حرب تحرير الكويت كانت لديها تعليمات واضحة فقالت يومها "إنّ وقف إطلاق النار قد تحوّل إلى مجموعة من العقوبات ضد العراق.. وأنا كسفيرة في الأمم المتحدة كانت التعليمات التي وجهت إليّْ هيَ إبقاء العقوبات سارية؛ لذلك كنت كل يوم أصف صدام حسين بأوصاف مريعة!". وقالت أيضاً: "وفجأة نُشرت قصيدة في جرائد بغداد تعمل على تشبيهي ووصفي بالكثير من الأمور؛ منها أنني "أفعى لا مثيل لها" فجلبت دبوس أفعى، وصرت أرتديه". وأضافت أولبرايت: "حين كان المراسلون يسألونني، لماذا أرتدي دبوس الأفعى؟ كنت أقول لهم لأنَّ صدام حسين شبهني بـ"أفعى لا مثيل لها"، وعندها قلت لنفسي، هذا أمر ممتع. فخرجت واشتريت الكثير من المجوهرات والدبابيس الخاصة التي كانت تصوّر ما سأفعله في أي يوم؛ وفي الأيام الجيدة كنت أرتدي دبابيس الورود والفراشات والبالونات، وفي الأيام العصيبة أرتدي دبابيس حيوانات مُفترسة وعناكب"!

وقالت على قناة "سي إن إن" الإخبارية إنها ساهمت في توجيه السياسة الخارجية الغربية في أعقاب الحرب الباردة، وكنت وجهاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الفترة ما بين نهاية الحرب الباردة والحرب على الإرهاب التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

لقد صوّر الإعلام الأمريكي كما نقرأ من قنواتهم أنّ أولبرايت، المرأة التي تحمي الديمقراطية والحريات في حين أنها لا تستحق غير لقب مُجرمة حرب لكونها اعترفت في إحدى لقاءاتها بأنّ قتل نصف مليون طفل عراقي هو ثمن مقبول لإزاحة صدام حسين ولعمري لو صرّح هذا التصريح أيّ من أعداء أمريكا لقامت الدنيا ولم تَقعد ولتمّت مُحاكمته بعشرات التُهم منها الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والنازية وغيرها..! ناهيك عن تزمّتها وتشددّها تجاه الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في إدارتها للمفاوضات بين الفلسطينيين بقيادة الزعيم ياسر عرفات والصهاينة من الجانب الآخر، في حين كانت في منتهى القسوة والتشدّد في تعاملها مع عرفات وكانت أنعم من الحرير في مُخاطبتها وتعاملها مع شمعون بيريز وزير خارجية إسرائيل.

إنَّ النفاق الإعلامي الأمريكي وبكل صَلف ووقاحة يُمكن أنْ يُحوّل أكبر سفاكي الدّماء والقتلة إلى مُدافعين عن الحرية والديمقراطية شرط أنْ يكون ذلك السفّاك من الدائرة الأمريكية الخاصة!! أمّا إذا كان من خُصوم أمريكا فلن ينفعه أيّ عمل فيه خير أو إنجاز ينفع البشرية وسيبقى في عقليتهم شيطانا وسفّاحا مهما فعل ولو كان بأخلاق الأنبياء!!

خلاصة القول .. إنّ أولبرايت، حملت رسائل سياسية خاصة في طيّات دبابيسها ونسيتْ أنْ تكشف للعالم وجه أمريكا الحقيقي ولو بدبوس واحد.. ولكنّ العالم لم ولنْ يحتاج إلى دبوس القاتلة مادلين ليعرف ما تفعله أمريكا بالشُعوب المقهورة؛ سواء بسياساتها المُعلنة أو السريّة وأنّ الشُعوب لنْ تنسى ما فعلته مادلين وأشْباهها من صناعة الموت  للدول المغلوب على أمرها من ساسة أمريكا، وأنَّ الحقيقة التي تسطع كالشمس لنْ تُجّمل وجه أمريكا ولو تجمّلتْ بكلّ دبابيس ومجوهرات الأرض.

والسؤال البديهي يستحضرني: هل ثمة رسالة أمريكية جديدة في هذا الظرف يُمكن الوثوق بها؟

تعليق عبر الفيس بوك