حكم.. فهل من معتبر؟!

حمد بن صالح العلوي

al3alawi33@gamil.com

مسرح الحياة مليء بالعبر والمواعظ، فهل من مُعتبر؟ جلسة، بعيدا عن الضوضاء، والأصوات المُزعجة التي تُعكر المزاج، فاختر مكانًا هادئا، لتعيش في خير الأوقات وأطيبها وأزينها.

قيل إنَّ الدنيا ثلاثة أيام؛ الأمس: عشناه ولن يعود، واليوم: نعيشه ولن يدوم، والغد: لا ندري أين سنكون.

القارئ العزيز..

يقال إنه سُئل أحد الزهاد: عن سر بشاشة وجهه واستبشاره؟ فردَّ عليهم :" أستحي أن أحزن وأمري بيد الله".

القارئ العزيز..

تأمل الآيتين "فمن أتبع هداي فلا يضل ولا يشقى" و"ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا".

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "الأموات" محبوسون في قبورهم، نادمون على ما فرطوا، و"الأحياء" في الدنيا يقتتلون على ما ندِم عليه أهل القبور، فلا هؤلاء إلى هؤلاء يرجعون، ولا هؤلاء بهؤلاء معتبرون.

وﻳﺤﻜﻰ ﺃنه كان هناك ﻣﻠﻜًﺎ عادلًا، قرر أن يجمع ﺣﻜﻤﺎﺀ ﺍﻟﺒﻠﺪ وعلماءها ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ: نريد ﺃﻥ يضع كل واحد منكم ﻣﻨﻬﺠﺎً  ﻟﻤﻦ ﺑﻌﺪﻧﺎ ﻳُﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ والعلماء ﻷﺷﻬﺮ، ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺿﺨﻢ ﻳﺤﻮﻱ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ، ﺟﻤﻌﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﺗﺠﺎﺭﺏ ﻭﺣﻜﻢ ﻭتوجهوا ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ.

ﻓﺮﺩَّ ﻋﻠﻴﻬﻢ الملك: إﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬاج الذي أتيتم به ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻟﻦ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن يختصروه.

فاختصروه، بعد تعب ﻓﻲ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ، ﻭﻟﻜن رفضه الملك ﺃﻳﻀﺎً. ﺛﻢ أعادوا صياغة ما جمعوا وﻭﺿﻌﻮه ﻓﻲ ﻋﺸﺮﺍﺕ الصحف  ﻓﺮﻓﺾ الملك ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺤﺠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟمنهاج ﻃﻮﻳﻞ ﻭﺳﻴﺸﺘﺖ القارئ ﻭﺃﻥ ﻗﻮﺍﻋﺪه ﻭﺣﻜﻤﻪ ﻭﻗﺼﺼﻪ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً.

أخيرا ﻗﺮﺭﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺿﻨﺎﻫﻢ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﻻ ﻳﻜﺘﺒﻮﺍ ﻓﻴﻪ إلا عددا من الكلمات : "ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ : ﺃﻧﻪ ﻻ ﻧﺠﺎﺡ ﺑﻼ ﺗﻌﺐ".

رحمنا الله تعالى وإياكم، وحفظنا وحفظكم، وتقبل أعمالنا وأعمالكم.