"الإسكان" والمخططات الجديدة

علي بن بدر البوسعيدي

لا شك أنَّ السنوات الأخيرة من مسيرة نهضتنا شهدت العديد من التحديات والضغوط المالية التي أثَّرت على أداء المالية العامة وأداء المؤسسات الحكومية بشكل عام، حتى إنَّ بعض الإجراءات التي كانت مُتبعة خلال فترات ماضية لم تعد قائمة، ومن بين هذه الإجراءات ما بات أمرا واقعا بعد صدور القرارات الأخيرة المتعلقة بتوزيع الأراضي على المواطنين.

والملاحظ بين الشباب حالة من عدم الرضا عن هذه القرارات، إذ إن هناك البعض منهم لم تعد أمامه فرصة للحصول على قطعة الأرض التي يحلم بها إلا وفق شروط معقدة، كما إن المخططات التي تنوي وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بناءها تتضمن توزيع شقق سكنية على المواطنين، والحقيقة أن الأسر العمانية لم تعتد يومًا على السكن في وحدات سكنية ضيقة وملاصقة لبعضها البعض؛ حيث جرت العادة على أن يسكن كل مواطن مع أسرته في بيت منفصل، خاصة وأنَّ لدينا أسر مركبة، أي أن الأب يفتح بيته لأبنائه بعد الزواج كي يعيشوا معه، حتى إن بعض البيوت العمانية تسكنها 3 أجيال، الأجداد والآباء والأحفاد. فهل الشقة السكنية ستكون مناسبة لهكذا عادات وتقاليد أصيلة؟ الواقع يشير إلى أن مثل هذه الإجراءات ستتبب في تغيير البيئة الاجتماعية وتُحدث بها إرباكات نحن في غنى عنها، خاصة وأن الظروف الاقتصادية باتت صعبة على الجميع.

الأمر الآخر الذي نأمل من الوزارة القيام به، هو التعجيل بصرف قطع الأراضي المُستحقة للمواطنين والذين ينتظرون دورهم منذ سنوات طويلة، كي يتحقق لهم الاستقرار الاجتماعي.

إننا نعلم يقينًا مدى التحديات المالية التي تُواجه الحكومة، وخاصة خلال السنوات الأخيرة، لكن مع عودة ارتفاع أسعار النفط وزيادة إيرادات الدولة والحرص الحكومي الواضح على تحفيز النمو الاقتصادي، فإنَّ منح الأراضي السكنية للمواطنين والسماح لهم بالتصرف فيها كيفما يشاؤون أمر ضروري، فكلنا نعلم أن هناك من ينتظر الأرض لبيعها من أجل سداد دين أو تعديل وضع اجتماعي، أو حتى شراء منزل في منطقة قريبة من عمله ومدارس أبنائه، فربما يحصل المواطن على قطعة أرض بعيدة عن الخدمات وعن محل إقامته الذي اعتاد العيش فيه.

إنني أوجه النداء إلى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وجميع المسؤولين فيها، بسرعة الاستجابة لمطالب المواطنين والاستماع لهم، وتبصيرهم بالقرارات دون مباغتتهم بها، كي نضمن الاستقرار الاجتماعي المنشود.