حيدر بن عبدالرضا اللواتي
في ظرف سنة واحدة سجلت إيرادات شركة الأسماك العمانية زيادة بنسبة 70% تقريبا لترتفع من 3.8 مليون ريال عماني في الربع الأول من العام الماضي إلى 6.5 مليون ريال عماني خلال نفس الفترة من العام الحالي، وبذلك أعلنت الشركة عبر موقع بورصة مسقط أنها عقب عدة سنوات مضت تمكنت من تحقيق أرباح بواقع 2.324 مليون ريال في الربع الأول من العام الجاري 2022 مقابل 75 ألف ريال فقط حققتها خلال نفس الفترة من العام الماضي وبنسبة زيادة قدرها 2988%. وهذا ما أدى إلى ارتفاع سهم الشركة في ظرف أسبوعين ليتجاوز 111 بيسة بعدما كانت في حدود 70 بيسة قبل شهرين.
وكما نعرف فإنَّ هذه الشركة وقعت مؤخرًا مذكرة تفاهم مع صندوق الغذاء الخليجي الياباني تم بموجبها امتلاك الصندوق كمستثمر بنسبة 31.4% من رأس مال الشركة وبواقع 10 ملايين دولار أمريكي. ولا شك أن وجود مستثمر خليجي ياباني بالشركة سوف يعمل على تحقيق المزيد من العوائد المادية والمعنوية لهذه الشركة التي ظلت لعقود تتراجع في تقديم الأرباح لمُساهميها وتتراجع في تحقيق مزيد من الإيرادات السنوية؛ فالشراكة الجديدة لصندوق الغذاء الخليجي الياباني ستعمل على تعزيز أوضاع التصنيع السمكي لهذه الشركة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، بحيث أعلن المستثمرون الجدد أنهم سيقومون بتسخير الخبرات التي يمتلكها الصندوق دوليًا للأسهم الخاصة مدعوماً من مؤسسات يابانية بارزة وغيرهم من المستثمرين الخليجيين في تحقيق مزيد من النجاح للشركة خلال السنوات المقبلة. كما إن الشراكة ستعمل على تعزيز إنجاح الشركة ونموها على المدى الطويل، من خلال تمكينها بالعمل مع المؤسسات وشركات الأسماك المتخصصة على مستوى الأسواق العالمية، وزيادة قاعدة زبائنها، بجانب التوجه نحو رقّي منتجاتها بكل ما يتعلق بصناعة الأسماك في السلطنة، بحيث تبقى الشركة مؤسسة مستدامة ومربحة وجاذبة للكوادر العمانية للعمل لديها في مختلف التخصصات.
وهذه الشراكة ستُعزز من تقنيات الشركة العمانية بالوسائل الحديثة التي يمتلكها اليابانيون في هذا المجال؛ باعتبار أن اليابان تعد واحدة من الدول المعروفة في صيد وصناعة الأسماك وإنتاجها الصناعي في هذا القطاع الحيوي، حيث يعمل الكثير من اليابانيين في إنتاج منتجات سمكية مبتكرة تلبي حاجة العملاء والأسواق العالمية بجانب استفادتهم من جميع مخلفات الأسماك في مجال إنتاج الزيوت والعلف والمواد الأخرى بهدف رفع القيمة المضافة للمنتجات السمكية.
ويرى المسؤولون في شركة الأسماك العمانية أن هذا النوع من الشراكة والتعاون سوف يدفع الشركة نحو مزيد من النجاح والنمو في أعمالها اليومية، بحيث تصبح من الشركات الرائدة عالميا في صيد وإنتاج وتعليب المنتجات السمكية؛ الأمر الذي سيعطيها الفرصة للحصول على الخبرات المعرفية اللازمة بجانب تمكنيها في تشغيل مزيد من العمانيين وتدريبهم وتطوير إمكاناتهم الإدارية والمالية والفنية.
فخلال السنوات الماضية تساءل الكثير من المساهمين عن الأسباب التي أدت إلى تكبد شركة الأسماك العُمانية للخسائر السنوية لعدة سنوات متواصلة، وتراجع قيمة سهمها المتداول ببورصة مسقط، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الأضرار بالمساهمين وكذلك للاقتصاد الوطني. فهذه الشركة تعد من الشركات المساهمة القديمة التي تم تأسيسها في نهاية الثمانينات من القرن الماضي وتحديدًا في عام 1987؛ حيث لقيت يومها إقبالاً كبيرا من المواطنين والمؤسسات نظراً لأهميتها في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد من المنتجات السمكية التي تتوافر في البحار العمانية، إلا أن فشل بعض الإدارات السابقة وفسادهم وصراعهم على الأمور المالية والإدارية للشركة دفعتها إلى التراجع في أعمالها، وبذلك استنزفت الأموال والخيرات التي كان من المفترض الاستفادة منها، باعتبار أن الأعمال التي استهدفتها كانت تتعلق بصيد الأسماك والتجهيز والتجميد والتغليف والتسويق لمختلف الأنشطة السمكية. ومع تبنّي سياسات الحوكمة والمتابعة والتدقيق والشراكة الأجنبية، فإن وضع الشركة سوف يكون مختلفاً خلال السنوات القادمة، حيت تعمل الشركة على تغيير واقعها الحالي لتصبح من الشركات المربحة في كل المجالات مع ضرورة توجهها نحو الجودة في الإنتاج ومتابعة مختلف وسائل الترويج والتسويق والصيد والتصنيع. إن نجاح شركة الأسماك العمانية وتكامل أنشطتها مع المؤسسات السمكية المماثلة في البلاد، بجانب تمكين الباحثين عن العمل لديها، سوف يعمل على دفع المزيد من العمانيين للعمل في هذا القطاع الحيوي الذي يعد واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية في سياسة تنويع مصادر الدخل القومي للبلاد مع بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى. كما سيعمل على تحريك العمانيين لفتح مزيد من المؤسسات التجارية في هذا المجال. واليوم نقرأ عن توجه القائمين على الشركة على مضاعفة إنتاج الشركة من الأسماك، ووضع خطط جديدة لتحقيق أهدافها وتوسيع مشاريعها المشتركة الدولية مع مؤسسات مماثلة في عدة دول أوروبية معروفة في هذا القطاع.