بين اختلاف الصورة والصورة.. تضيع القيم

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

لا يختلف اثنان على أهمية المناهج الدراسية وانعكاسها على صقل شخصية الطالب بما تحتويه من مواد دراسية وصور توضيحية وبلا شك أن المناهج يجب أن تتطور بتطور العلوم والمعرفة والابتكارات والاختراعات والاكتشافات العلمية ومن المفترض كذلك أن توائم وتساير ما هو حاصل في هذا العالم المُتغير.

وما حدث مؤخرا من تأخير في تسليم الكتب المدرسية لبعض المواد وما صاحب ذلك من جدل جراء تغير بعض الصور في الكتب المدرسية يطرح علامة استفهام كبيرة حول الجدوى من تغيير الصورة أكثر من المحتوى فهل هذا التأخير يستحق تلكم المبالغ المالية المصروفة ناهيك على ما ترتب على ذلك من تأخير في تسليم الكتب للطلاب؟!

أثارت تلك الصور استهجان العديد من المواطنين وظهر وسم على منصة تويتر العالمية حمل عنوان "#قيمنا_خط_أحمر_يا_تربية". صور رآها البعض من وجهة نظره أنها عادية وتمثل الحرية والانفتاح الحاصل في المُقابل كانت وجهة نظر الأكثرية مخالفة؛ كون أن الصور لا تعكس العادات والتقاليد التي تربينا عليها ولا تمثل قيمنا المستمدة من تعاليم ديننا الإسلامي الذي هو دين الدولة، كما نص عليه النظام الأساسي في المادة رقم (2). بل وكان تفسير البعض أكثر عمقاً للموضوع حينما قال إن الصور تخاطب العقل الباطن وبما يمثله سلباً على استمرارية مشاهدة مثل هذه الصور على النشء من الجنسين في التعود على سلوكيات غير مألوفة لدينا ولا تعكس العادات والتقاليد العمانية التي نشأوا عليها وكم أعجبتني مقولة "هي رسائل تدريجية تستهدف القيم الإسلامية والقطرات القليلة تصنع جدولاً ومثل هذا القليل سيصبح كثيرا ومألوفا".

لا نعلم هنا صراحة من أعد هذه المناهج تحديدا؟! فإذا كانوا خبراء أجانب من خارج الحدود لا يعرفون شيئاً عن القيم الإسلامية والعادات العمانية الأصيلة فهذه مصيبة وإن كانوا منا وفينا من أبناء الوطن فالمصيبة أعظم كونهم جزءًا من هذا البلد تنفسوا هواءه وشربوا ماءه وترعرعوا على أرضه والخوف كل الخوف أن تكون القيم والعادات بدأت بالتصدع من الداخل وهذا هو أشد وأمر.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي يستدعي تغيير صورة في كتاب مدرسي لم تقدم الإضافة المطلوبة سوى عمل هالة من الجدل والاحتقان والعالم أصبح قرية صغيرة وأصبح الضغط على كبسة زر يتيح لك اختيار الصالح من الطالح.

ويا حبذا لو يدرك المسؤولون لدينا أن تطوير المناهج يبدأ من الارتقاء بمستوى الطالب عقليا ليتناسب المضمون مع التطور الحاصل عالميا لا أن يكون سطحيا هشا لا يجلب سوى القيل والقال وكثرة السؤال.

وخير ما نختم به مقالنا هو قول سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- مفتي السلطنة- حفظه الله "اللباس غير المُحتشم هو مما يتنافى مع الأخلاق الفاضلة، فالخُلق لا ينحصر في لطف المُعاملة فحسب؛ بل يعم كل جانب من جوانب حياة الإنسان، فمن الخلق الحياء، وإبداء المرأة مفاتنها وعدم المبالاة بلباسها هو مما يخدش الحياء".