خير المال عينٌ ساهرة لعينٍ نائمة

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

 

في مساء يوم الجمعة المُنصرم القريب منّا، نزلت من عقبة الرستاق الشامخة والتي تُعلّم أبناءها كيف يرفعون هاماتهم بشموخها في زمن يجب أن تُرفع الهامات عالياً ليس استكبارا بل عزة وشموخًا، ولا يخفضونها إلا في صلاتهم وأمام والديهم.

نزلنا أنا وساعدي اليمين؛ فإذا بلغة الإشارات المرورية قد تعطلت، وحلّت محلها لغة إشارات أيدي رجال المرور التي لا تعرف معنى التوقف مهما تكالبت الظروف وأحلولك الظلام؛ حيث الأمطار الشديدة مصحوبة برياح متوسطة وقد بدأ سواد الليل يجثم على صدر النهار، لكنّ أيادي رجال المرور الأشاوس أنارت المكان بفعلهم النبيل"وبيض خصائلي تمحو السواد" حينها حدّثتني نفسي أن أقف جانبًا واُقدّم آيات الشكر والتقدير وعبارات الامتنان لهؤلاء الرجال الذين نسوا المطر والريح والظلام والبرد القارس وتركوا كل ذلك وراء ظهورهم وامتثلوا نداء الواجب لتنظيم السير، وحفظا للنظام، ولكن لصعوبة الوقوف سلكت طريقي، وهذا مثال واحد من آلاف الأمثلة التي يسطرها جنود عُمان الأوفياء؛ فكم وكم رأينا مساعدة الشرطة لكثير ممن انقطعت بهم السُبل!! حينها بحثت عن مثلٍ يصلح أن يكون عنوانا لهذه المقالة؛ فقلّبت في كتاب مجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني (ت 518هـ)؛ فإذا بهذا المثل يستدثر بصفحات الكتاب، ويمكنه أن يُساعدني على حمل المعنى المراد إيصاله: "خيرُ المال عين ساهرةٌ لعينٍ نائمةٍ".

إنّ رجال عمان البواسل يسطرون بأفعالهم المشرّفة في صدارة سجلات التضحيات، معنى التضحية والإخلاص والتفاني والإصرار واقتحام أسوار الصعاب والشدائد والتحديات لينعم الوطن بالاطمئنان وراحة البال.

إنِّه من الواجب علينا، بل لا يشكر الله من لا يشكر الناس، ونحن نتفيأ ظلال يوم شرطة عمان السلطانية، الذي يوافق الخامس من يناير من كل عامٍ أن نقول بكل فخر واعتزاز بأنّ شرطة عمان السلطانية قطعت شوطا طويلا في الارتقاء بالعمل الشُرطي؛ حيث استطاعت أن تلحق بالركب في التطور ومواكبة كل جديد في تقديم الخدمات بسهولة ويسر، وإنجاز المُعاملات بسرعة البرق، إلى جانب تطبيقاتها الذكية التي ذللت الصعوبات، وقرّبت البعيد؛ حتى أصبح المواطن يتمنى أن تمسك شرطة عُمان السلطانية دفّة بعض المؤسسات الخدمية لتكون في أدائها أسرع وأسهل وأيسر مما هي عليه الآن.

إنني أجزم أنّ كل عُماني شُرطي بامتياز على كل شبر من تراب هذا الوطن باستقامته وبأخلاقه العالية وباحترامه للقوانين والأنظمة التي تنظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان؛ فكل الشكر والتقدير للمخلصين الشرفاء، وكل عام وعُمان في تقدم وازدهار في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى- أيده الله.