علي بن بدر البوسعيدي
نجحت الحكومة الرشيدة بفضل التوجيهات السديدة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لبدء مسار التعافي الاقتصادي من الآثار التي خلفتها الأزمات خلال الفترات الماضية، وعلى رأسها أزمة فيروس كورونا العالمية وتراجع أسعار النفط، لكن يظل السؤال المطروح الآن: متى نبدأ التحفيز الاقتصادي؟
الحقائق من حولنا تشير إلى أنَّ مؤسسات الدولة المعنية أطلقت عدة مبادرات خلال جائحة كورونا لتحفيز الاقتصاد، لكن الواقع يؤكد أنها غير كافية، خاصة في أعقاب الإجراءات الناجعة التي اتخذتها الحكومة لإصلاح الأوضاع المالية والاقتصادية، والتي أشادت بها المؤسسات الدولية، فقد نجحت سلطنة عمان في خفض عجز الموازنة وزيادة الإيرادات، وترشيد الإنفاق بما يحقق الكفاءة في المصروفات، وكذلك زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وكل ذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها جميع مؤسسات الدولة المعنية.
المُعطيات الاقتصادية الآن تستدعي أن نبدأ في أسرع وقت بطرح حزمة إجراءات تحفيزية جديدة، تسهم في تحقيق الإنعاش الاقتصادي، لا سيما للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يساعد على توظيف الشباب في مُختلف القطاعات، وخاصة القطاعات الواعدة، كما يجب مُراجعة خطط التعمين والتدريب والتأهيل، لأنَّ الواقع أظهر أن أكبر تحدٍ ماثل أمامنا يتمثل في تدريب وتأهيل شبابنا على العمل في مُختلف الوظائف، وليس فقط انتظار الوظيفة الحكومية. وهنا نقول لهم إنَّ القطاع الخاص مليء بالفرص الواعدة والآفاق المستقبلية الكبيرة، ولكن على كل شاب أن يجتهد ويسعى، ولا ينظر فقط إلى مسألة "كم بيدفعولي"! فالراتب يجب أن يحتل المكانة الثانية لكل خريج جديد وباحث عن عمل، بعد أن يضع في صدارة أولوياته أولاً اكتساب الخبرات العملية والحياتية، فلا يعقل أن نجد خريجاً جديدًا ويريد وظيفة بـ500 ريال، في حين أنه لو قبِل بوظيفة براتب أقل من ذلك بالفعل مطروحة عليه، لتدرج وحصل على الراتب الذي يريده بعد عامين أو 3 على الأكثر، لأنه وقتها سيكون اكتسب الخبرات الكفيلة. وهنا أحث الحكومة على إعادة النظر في مسألة ارتفاع رسوم مأذونيات استقدام العمالة الأجنبية من الخارج، خاصة في القطاعات التي لا تتوافر فيها التخصصات المطلوبة لدى شبابنا العماني، فهناك وظائف لا نجد لها شبابا عُمانيين كي يشغلوها، وهنا يتعطل الإنتاج ويتوقف العمل، الذي بدوره يؤثر على كامل المنظومة الاقتصادية؛ إذ تلجأ الشركات للتعامل مع موظفين من خارج الدولة، وهنا تخرج الأموال إلى الخارج بدلاً من إنفاقها محليًا.
وأخيرًا.. إننا نحتاج بصورة عاجلة إلى حزم من التحفيز في جميع القطاعات، وأن تُرجئ الحكومة أي زيادة في رسوم خدمات أو ضرائب (مثل الضريبة السياحية) حتى نضمن تحقيق التعافي الكامل والشامل والمستدام.