يومٌ ليس كالأيام‎‎

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

ما أسرع دوران عجلة الزمن! وما أشرس هجوم الليل على النهار، وشراسة طوْي النهار سجاف الليل! كل ذلك يحدث ونحن في غفلة ساهون، وعمّا يُراد بنا لاهون سادرون.

لكن في يومنا المجيد تتوقف عقارب الزمن دقائقه وثوانيه، خاصة عندما ترسل الشمس أشعتها الذهبية مُؤْذِنة بإشراق يوم الثامن عشر من نوفمبر المجيد، هذا اليوم التي تذكره الشمس جيدًا ولا تكاد تنساه، لأنه إشراقٌ آخر ينبعث من أرض الغبيراء إلى السماء، إنه ميلاد عمان الحديثة، ميلاد التسامح والأُلفة والمحبة والتقارب ونبذ الخلافات إلى غير رجعة، وميلاد العلم والمعرفة وتحطيم صنم الجهل.

حقاً يجب أن يحتفي ويفتخر كل عُماني بهذا اليوم الوطني لأنه يومٌ ليس كالأيام؛ فهو يوم تنهمر فيه الذكريات مُحدثة زلزلة نفسية تهتز على إثرها الأرض من تحتهم؛ فهو ميلاد نستلهم منه معنى التضحية والإخلاص والتفاني والإصرار واقتحام أسوار المستقبل بكل ثبات ورباطة جأش، وفي ذات الوقت يعني لنا امتزاج الشمال في الجنوب، والجنوب في الشمال وأصبحا جهة واحدة مُيممين شطر الغرب في صف واحد  تحت لواء الله أكبر، هنا سارت النهضة المظفّرة تقود جحافل العمانيين بثبات وعزيمة متوقدة نحو بناء عُمان لتكون بيتاً واسعاً لكل العمانيين؛ فاستجاب لهم القدر، وانجلت عتمة الليل البهيم عنهم، وأشرق بياض النهار، وانكسر القيد، وانطلق العمانيون يجوبون البحار ويحرثون القفار وينشرون السلام في أصقاع المعمورة، فكانوا يجوعون ليشبع الوطن، ويرتدون هزيل الأقمشة، ليظهر الوطن في أبهى حُلة، وأجمل خُلة، ويروونه بعرق جبينهم، ليعشب نخلا باسقات لها طلع نضيد، ويُطفئون لهيب الفتنة بدمائهم الزكية، ويموتون ليحيا الوطن في رفاهية وأمن وأمان.

تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، وها هي أمة حاضرة متصلة بماضيها مجددة عهد الآباء في إباء شامخٍ منطلقة للمستقبل بهمة عالية ونظرة ثاقبة ودماء جديدة لا تخّثر فيها، قدم في الثرى وأختها في الثريا؛ فانهضوا يا أبناء عُمان؛ فقد خطب لكم سلطانكم المفدّى معالي الأمور؛ فلا ترضوا بها بدلا، وادفعوا مهجكم مهرا لها؛ فأنتم وأيم الله رجالها، وأبناء بجدتها.