سالم بن نجيم البادي
أهالي بلدة الوقبة التابعة لولاية ينقل في مُحافظة الظاهرة والقرى التي يخدمها المركز الصحي في الوقبة- ومنها باحة ووادي الحريم ووادي العقيبة وقرية هليب وقرى وال والمسرة وحيل الخنابشة- يطالبون بفتح المركز الصحي طوال اليوم؛ لأنهم يعانون من بُعد المسافة بين المستشفى الموجود في مركز الولاية وقراهم.
وهنا أذكر بعض الشواهد لما يحدث لسكان هذه القرى في فترة إغلاق المركز الصحي، والتي تمتد من الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر إلى الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم التالي.
امرأة وجدها أهلها وقد ماتت في فراشها وكان عليهم الذهاب بها إلى مستشفى ينقل الذي يبعد حوالي 100 كيلو متر ذهاباً وإياباً من أجل الحصول على شهادة وفاة، ورجل لدغه عقرب وقطع كل تلك المسافة وحينما عاد إلى منزله شعر بأنَّه لا زال يعاني من الألم الشديد، ولا يستطيع العودة إلى المستشفى لبعد المسافة ولا حيلة له، إلا أن يجرب العلاج التقليدي الشعبي، وربما البحث عن "مطوّع" ليقرأ عليه رقية لدغة العقرب! وآخر تعرض لجرح في أصبعه وعندما لم ينقطع الدم اضطر إلى الذهاب إلى المستشفى البعيد في ينقل.
ويحكي رجل آخر قصته قائلًا: "كنت عائدا من السفر ووجدت زوجتي تعاني من الصداع الشديد، وبرغم الإرهاق الذي كنت أشعر به قررت نقلها فورًا إلى المستشفى الذي يبعد عن بيتنا 110 كيلومترات ذهابًا وعودة. وكان الوقت عصرًا، وعندما وصلنا وجدنا زحامًا شديدًا من المرضى والذين يرافقونهم، يتوزعون في الممرات وقوفًا؛ حيث إن الكراسي لم تكن كافية لكثرة أعدادهم، والكل مشغول حتى إن الذي قاس ضغط الزوجة ممرض وليس ممرضة، وهذا أوقعنا في حرج شديد، كما أن غرفة الطوارئ ضيقة وتضم سريرين فقط، وأحد الأسِرّة وجدنا فيه مريضا رجلا والسرير الآخر وضعوا فيه الزوجة. وبين السرير والآخر وضع حجاب خفيف، وحتى لا نظلم الطاقم الطبي في المستشفى، فالجميع لم يُقصِّر وقاموا بواجبهم على أكمل وجه، ولهم الشكر والتقدير على صبرهم وتعاملهم الراقي مع النَّاس رغم ذلك الزحام.
هذه أمثلة قليلة، وهناك حكايات كثيرة قيلت عن معاناة سكان تلك القرى، ولذلك فإنَّ الناس يأملون أن يعود المركز الصحي في الوقبة للعمل كما كان قبل جائحة كورونا، وقد خفت حدة هذا المرض بفضل الله، وإن كان السبب في الإغلاق الطويل للمركز الصحي في الوقبة هو قلة الكوادر الطبية، فعسى أن يتم حل كل المشاكل التي تحول دون افتتاحه، وإذا تعذر تشغيل المركز الصحي على مدار اليوم، فإنِّه يظل مفتوحًا حتى الساعة التاسعة ليلًا، وأن لا يُعامل معاملة المراكز الصحية التي تقع بالقرب من المستشفيات المرجعية أو المستشفيات الواقعة في قلب الولاية، وذلك مراعاة لظروف الناس وأحوالهم الصحية والاقتصادية، إذ يتطلب الوصول إلى المستشفى صرف مبالغ مالية وتحمل مشقة الطريق وغيرها من الأمور المُرهقة للمواطن.