سهل الباطنة.. عودة سلة الغذاء العُمانية

 

ناجي بن جمعة البلوشي

نعلم أن شاهين هي حالة جوية مدارية صنفت على أنها إعصار ضرب مؤخرا سواحل وأراضي السلطنة مسبباً الكثير من الخسائر البشرية والمادية، كما نعلم أيضا أن من أسباب تكونه يقدر علميا أنه نتيجة الاحتباس الحراري والتغيير المناخي، وله أيضًا العديد من الاختلافات التقديرية من حيث المعتقدات والتكهنات الإنسانية كل حسب اعتقاده وظنه وقياسه.

لكن كوننا من المؤمنين بقضاء الله وقدره فإننا نعتقد جزمًا أنه حدث مسير، وليس له الاختيار في سبب أو إمكانية تكونه أو بأي بلد كائن هو أو سيكون أو غيرها من مفردات الأسباب، لكننا نأخذ بها لقناعتنا الإنسانية فقط، وإذا كنا نعتقد جزما أنه قضاء الله وقدره المسير فإننا نضيف على هذا الإيمان حسن الظن بما شاء الله تعالى به علينا، وذلك لما لا نعلمه من غيب في خير مرسل لنا من هذا الأمر كله، فنحن محدودو الإدراك وقليلو المعرفة وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ بحسن الظن به ففي الحديث القدسي (عنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي) متفق عليه. لذا من الواجب علينا الأخذ بذلك الظن إلى الخير الذي أرسل لنا في هذا الإعصار وما به من فوائد قد أدركنا بعضها في زمنها؛ كتعاضدنا وتكافلنا وتعاوننا وتآزرنا وتقديم الصدقات والمعونات للمحتاجين لها، أو غيرها التي لم ندركها وربما سنتحصل عليها في المستقبل.

ومن بين ما نظنه خيرًا وأنه سيكون خيرًا من هذا الإعصار هو كمية الأمطار التي نزلت على أرض بلادنا التي محلت وتأثرت تربتها حتى أشتدت بها الملوحة وغدت غير صالحة للزراعة وقد كانت في سابق عهدها من الأراضي الخصبة التي تعد سلة الغذاء العمانية من حيث كثر واختلاف محاصيلها من الخضار والفواكه، وبهذا الخصوص لو حركنا عقولنا وقسنا ما حدث بمنظور عقلي بحت فإننا سندرك حقًا أنه ما كان علاج هذه الأرض والتربة البور سوى كمية من الأمطار تنزل عليها في يومين أو ثلاثة وبكميات خيالية عجيبة متجاوزة بذلك كل التوقعات والإحصائيات والمؤشرات المسجلة لكميات نزول الأمطار والتي بها أصبح الإنسان في حالة إيمان مطلق بما لا يدركه العقل الإنساني من تقديراته في تكونات الأمطار، وهذه هي إرادة الله تعالى التي أرادها على شكل إعصار أو عاصفة مدارية تحمل منسوبات مائية تعادل أمطار عشرات السنوات؛ لتُغير حال الأرض إلى حال أفضل يعود فيه سهل الباطنة إلى ما كان عليه، ولينتج لنا مما تنبت الأرض من خيراتها فهو سلة الغذاء العمانية ومصدر من مصادر الأمن الغذائي التي افتقدناها، فالحمد لله حمدا طيبا مباركا لما قضى وقدر.