7 أيام لا تُنسى

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

humaid.fadhil@yahoo.com

 

 

شعور عظيم أحس به المواطن العُماني بعد ردة الفعل العالمية حول مشاهدتهم اللحمة الوطنية لجميع أفراد ومؤسسات المجتمع، مع أحبتهم المتضررين من جراء إعصار شاهين في محافظتي جنوب وشمال الباطنة، إلا أنَّ تلك الصورة الجميلة كادت أن تُصاب بتشوه، وذلك بعد المقاطع والتغريدات التي بثها بعض المُغردين وكذلك ممن شارك في الفرق التطوعية التي زارت الولايات المتضررة، وهم يحكون بعض الممارسات السيئة من بعض المستفيدين من هذه الحملات الخيرية، ولربما كان القصد من بث هذه القصص هو التأكيد على المتبرعين بأخذ الحيطة والحذر، عند تقديم المساعدة والمؤونة لأي فرد، كي لا تصرف لأفراد أخذوا نصيبهم من الخير ويحرم آخرون لم يصل لهم أحد من المُسعفين.

البعض وللأسف الشديد أعتقد أننا نعيش في المدينة الفاضلة وهي أحد أحلام الفيلسوف أفلاطون؛ حيث تعتبر من الأحلام المستحيلة في وجود مجتمع يخلو من أصحاب السلوك غير السوي، لذلك تصرفات البعض السلبية من المتضررين لا يُمكن أن تعمم على سلوك وأخلاق غالبية أفراد المجتمع، وهنا ينبغي علينا أن ننشر كل شيء نجده معززا وإيجابيا أو أن يبقى ما تشاهده من تصرفات غير حميدة يقوم بها البعض في نفسك وجهازك، والحقيقة هناك مشاهد إنسانية وعزة نفس كثيرة هي التي تستحق الذكر والنشر.

الأيام السبعة التي أعقبت أحداث شاهين، كان لنا الشرف أن نكون مع بقية الفرق التطوعية والأفراد والمؤسسات من أجل مساعدة أحبتنا المتضررين، أيام وليالي لن تنسى من الذاكرة، ليس بسبب الفزعة والالتفاف الوطني الذي أبداه الشعب العماني تجاه أحبتهم المتضررين، ولكن ما شدني هي الدروس والمواقف الإنسانية العظيمة التي سطرها كثير من الإخوة والأخوات الذين حل بهم الدمار من تبعات ذلك الإعصار المدمر، وهي التي تستحق أن تذكر وتنشر وليس المواقف القليلة التي فيها تصرفات لا تليق بشعب عظيم عرف بمبادئه وسُّمو أخلاقه.

"أبو محمود" أحد زملاء الدراسة علم أنَّ في الصباح الباكر سيمر عليه زملاؤه للاطمئنان عليه ومُساعدته، فما كان إلا أن استقبلهم بكرمٍ حاتمي في جزء بسيط من فناء المنزل لم يتضرر من الإعصار، ليثبت أنَّ العماني كريم بأصله ولو في أضيق المحن، الشايب سالم يمر عليه الفريق ليُقدم له المؤونة بعدما علم بدمار منزله وممتلكاته، إلا أنَّه ينادي عليهم أنا مكتفٍ بالمؤونة اذهبوا لبقية الجيران لربما جار لم تصله أي مؤونة، لسان الأمهات وكبار السن يلهث بالحمد والشكر في كل سكة أو موقع نجدهم فيها، الترحيب والاعتذار من غالبية أصحاب المنازل المُتضررة لكل من يأتي لخدمتهم، وذلك لعدم وجود ضيافة يقدمونها لهم غير التمر والقهوة، الابتسامة والشكر والتقدير تجدها على وجوه وألسنة من تقابله في القرى والمناطق التي لحق بها الدمار، ولن ننسى ابتسامة وبراءة الأطفال وهم يلعبون بأجزاء من ألعابهم التي دمرها وكسرها ذلك الإعصار، وهناك مواقف ومشاهد إنسانية أخرى كثيرة لا يسمح الوقت لذكرها، وهي التي تستحق الإطراء والذكر وليست أخطاء وتصرفات البعض التي تشوه عزة النفس والخلق الرفيع الذي عرف به المواطن العماني، وهو ما أثبتته المواقف التي لامسناها ونحن نزور مساكن من لحق به الضرر من جراء ذلك الإعصار.

وختامًا.. إنها رسالة لكل إنسان بالتفكر ماذا لو كنت أحد أولئك الذين فقدوا منازلهم ومركباتهم وملابسهم وجميع ممتلكاتهم، ماذا سيكون شعورك، وماذا تتمنى من الناس أن تفعل لأجلك؟ لذلك بادر الآن في الدعم والمساعدة ولو بالقليل.