علي بن بدر البوسعيدي
مرَّت ولله الحمد فترة الإغلاق الكلي ومنع الحركة على مدار 24 ساعة خلال إجازة عيد الأضحى المبارك، مرت وقد تركت في نفوسنا ألمًا بعدم الاحتفال بالعيد، وهي المناسبة الغالية علينا وعلى كل مسلم، لكن للضرورة أحكام، وفقه الأولويات يقدم درء المفسدة على جلب المصلحة، والدليل على ذلك التراجع الواضح في أعداد المصابين بفيروس كورونا، والأهم من ذلك تراجع الضغوط على القطاع الصحي بدرجة تسمح للعاملين فيها بالتقاط الأنفاس.
نعم، قضينا فترة العيد بين جدران المنزل، وخلف أسوار بيوتنا، لم يستطع أحدنا تهنئة جاره، ولا مُلاقاة أخيه وذويه، لكن خرجنا ونحن في صحة وسلام وعافية، خرجنا من هذه الفترة والنتائج الإيجابية متحققة، خاصة مع عودة جهود التطعيم بلقاح كورونا ضمن الحملة الوطنية للتحصين ضد المرض. ومما يبشر ما نشرته وزارة الصحة من إحصاءات حول المرض، وكذلك إحصاءات التطعيم، حيث بتنا قاب قوسين من تطعيم 2 مليون شخص في السلطنة، وبنسبة 53% من الفئات المستهدفة، وهذا تطور مهم للغاية، يجب علينا البناء عليه خلال المرحلة المقبلة، التي نأمل أن تشهد تيسيرًا في الإجراءات، مثل تقليل فترة منع الحركة والإغلاقات لتبدأ من التاسعة مساءً، على أن تغلق المحال والأنشطة التجارية أبوابها في الثامنة، لتفادي الزحام الشديد الذي نشهده يوميًا في آخر ساعة من اليوم قبل سريان المنع والإغلاق.
ولقد كانت القرارات الصادرة عن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، قبل عيد الأضحى، على درجة كبيرة من الحكمة والذكاء، خاصة تلك المتعلقة بمسندم وظفار، حيث شددت على ضرورة حصول الزائرين لهاتين المحافظتين على لقاح كورونا، وهو الإجراء الذي من المتوقع أن يتم تعميمه خلال المراحل المقبلة، مع التوسع في حملة التطعيم.
إن ما مررنا به من تجارب مختلفة منذ تفشي الوباء في 2020، يعلمنا دروسًا واحدا تلو الآخر، وأهم هذه الدروس، أن الصحة أغلى من كل شيء، وأن التدابير الاحترازية أفضل بكثير من ألف دواء وعلاج، ولذلك لا يجب أن نحزن أو نعترض على القرارات المتعلقة بمنع الحركة وإغلاق الأنشطة التجارية، على الرغم من التأثيرات السلبية، خاصة على الاقتصاد، لأننا في المقابل نحفظ الأرواح، ونحمي المجتمع من براثن هذا الفيروس الشرس الذي لا يرحم.
وفي النهاية، إنني أدعو كل أبناء هذا الوطن العزيز، أن يواصلوا الالتزام والتقيد بالإجراءات الاحترازية، تفاديًا لما هو أسوأ، وقد شاهدنا جميعًا أن دولاً أعلنت انهيار منظومتها الصحية، وأخرى تئن تحت وطأة الإصابات وعدم كفاية أجهزة التنفس، لكننا ولله الحمد والفضل ما زلنا صامدين، رغم أنَّ القطاع الصحي تعرض لضغوط هائلة. حفظ الله عمان من كل مكروه وسوء ورفع عنا هذا البلاء..