حمود بن علي الحاتمي
بدأ هذا الأسبوع مشهد استثنائي لعُمان أما وقد تسمر العمانيون أمام شاشات التلفاز يرقبون نقل وقائع أوَّل زيارة يقوم بها مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ومع إطلالة جلالته في المطار الخاص بالعمامة البيضاء والتي ترمز إلى السلام في المطار السلطاني، انطلقت دعوات شعبه له بالتوفيق والسداد وأن يحفظه الله ويكلأه بعنايته في حله وترحاله ويرقبون تفاصيل مراسم توديع جلالته والأعضاء المرافقين له وأصحاب السُّمو والمعالي والقادة العسكريين الذين يودعون جلالة السلطان.
وبعد ساعات عادت الأعين لترقب مشهد وصول الطائر الميمون نزوى لأرض المملكة العربية السعودية واستقبال صاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد بالمملكة العربية السعودية له بمدينة نيوم، والاستقبال الكبير الذي يليق بمقام سليل إمبراطورية عمانية في الخليج. كُنتُ أرقب هذا النبض الوطني المتصاعد في كل أرجاء عمان والآمال المعقودة على هذه الزيارة التي استغرقت يومين حافلة بالنتائج العظيمة وقد تجلت في تأكيد نهج جلالة السلطان المعظم على تعظيم العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات ومنها المجال الاقتصادي سيظل محور اهتمام المراقبين خلال الأيام القادمة وهو ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية، وتوجت الزيارة بالتوقيع على إنشاء مجلس التنسيق بين البلدين. وقد خرج بيان الزيارة المشترك بين البلدين بالكثير من النتائج وهذه بعض مقتطفات منه كما نشرته جريدة الرؤية"ورحّب الجانبان بالتوقيع على مذكرة تفاهم في شأن تأسيس مجلس تنسيق عُماني سعودي برئاسة وزيري خارجية البلدين لتعزيز علاقاتهما الثنائية في شتى المجالات، كما اتفقا على توجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي الذي سيُسهم في سلاسة تنقّل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلدين الشقيقين.
ورحّبا بالتواصل الفاعل بين أصحاب السُّمو والمعالي الوزراء في البلدين لبحث المواضيع المشتركة وذات الاهتمام من الجانبين، كما وجّها بالعمل على إبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين الشقيقين للتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والثقافية والدبلوماسية والتعليمية وفي كل ما من شأنه أن يعزز المنافع والمصالح المشتركة ويعود على شعبي البلدين بالخير والنماء.
وأكّدا على عزمهما رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبين وتُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية "المملكة 2030" ورؤية "عُمان 2040"، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة والتي تشمل مجالات تعاون رئيسية منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة، إضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي، والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة.
كما رحّبا بانعقاد مجلس الأعمال العُماني السعودي عبر الاتصال المرئي بتاريخ 4/ 7/ 2021 بمشاركة رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس اتحاد الغرف السعودية، ورئيسي مجلس الأعمال العُماني السعودي من الجانبين، الذي سيُعزز من فرص الاستثمار المباشر وغير المباشر بين القطاع الخاص في البلدين، ويزيد من تبادل الزيارات بين أصحاب الأعمال، وعقد المؤتمرات والمعارض، وإقامة المشروعات الاقتصادية في البلدين الشقيقين.
وأكّد الجانبان على تعزيز التَّعاون في مجالات البيئة والأمن الغذائي ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلن عنها صاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع لما فيه منفعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأشاد الجانبان بجهود دول مجموعة أوبك بلس، بقيادة المملكة وبمشاركة سلطنة عُمان، التي أدّت إلى استقرار وتوازن الأسواق البترولية، رغم ضعف الطلب الذي عانت منه الأسواق جراء موجات جائحة كورونا التي لا تزال تؤثر على جزء كبير من العالم. وأكّدا على ضرورة الاستمرار في التعاون لدعم استقرار الأسواق البترولية. كما رحّبا بتعزيز التعاون حول تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أقرّته مجموعة العشرين كونه إطارا متكاملا وشاملا لمعالجة التحديات المترتّبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإدارتها من خلال التقنيات المتاحة؛ لأنه نهج يمثل طريقةً مستدامةً اقتصاديًا لإدارة الانبعاثات من خلال تطبيق عناصره الأربعة؛ وهي: الخفض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة، ونوّه الجانبان بأهمية تبني مصادر الطاقة المتجددة وتقنياتها، وذلك لإسهامها في استدامة إمدادات الطاقة عالميًا.
واتفقا على توجيه الجهات المعنية للقيام بدراسة فرص الاستثمار المتبادل بينهما في التقنيات المتطورة والابتكار ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة، والمجال الصحي والصناعات الدوائية، والتطوير العقاري، والسياحة، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية، وتقنية المعلومات والتقنية المالية التي تعود بالنفع على البلدين أخذاً بالاعتبار الإمكانيات المتاحة والفرص الطموحة. كما رحّب الجانبان بمشاركة الشركات السعودية للاستثمار في المشروعات النوعية التي تسعى السلطنة لتحقيقها. كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكّدا على العمل في تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويدعم ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
ومن خلال القراءة المتأنية للبيان المشترك تظهر الزيارة مدى حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- يحفظه الله ويرعاه- على استدامة وتعميق العلاقات الثنائية مع دول المجلس ومنها الشقيقة المملكة العربية السعودية وتعظيم العلاقات الاقتصادية وتكاملها فخرجت الزيارة بمنهج عمل في مجالات اقتصادية متنوعة وفرص الاستثمار في الدقم وغيرها.
نتائج الزيارة بعثت برسالة إلى العالم أن الزيارة جاءت في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين وأظهرت المجالات الاستثمارية التي يمكن أن يشتغل عليها رجال الاقتصاد في البلدين. لتحقيق المنافع الاقتصادية بين البلدين وأظهرت الزيارة كذلك مجالات التنسيق والتعاون في المجالات الرياضية والثقافية والتعليمية وجوانب أخرى.
زيارة رسمية أولى لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- أوفت بوعودها وحققت الأهداف المرجوة منها. حفظ الله جلالته في حله وترحاله.