4 علامات استفهام للرأي القانوني السليم

 

عيسى الغساني

يحتل الرأي القانوني السليم والمقدم في الوقت المناسب أحد أهم الضمانات لاستصدار قرار إداري رشيد يستجيب للمصلحة العامة، ويحمي الحقوق ويصون الحريات، ولكن طريقة إعداد وتقديم الرأي القانوني وكيفية تقديمه يشكل الضمان الأهم، وهو مدى صحة وسلامة الرأي القانوني، وعدم تأثره بمصالح شخصية أو آراء خاصة مصبوغة بتقديرات غير مدروسة وغير قانونية.

ولإخراج رأي قانوني صحيح وسليم يقتضي الحال الإجابة على 4 استفهامات وهي:

1- من الجهة التي تقوم بإعداد الرأي القانوني؟ بداهة يكون الجواب الجهات القانونية، نعم هذا دورها لكن ماهو أهم أن هذه الجهات لكي تعد رأيا قانونيا صحيحا، يستلزم الأمر عنصرين هما. أولا: التخصص القانوني المرتبط بموضوع الرأي القانوني، ثانيهما طريقة إعداد وتداول المسألة القانونية من قبل فريق قانوني وفق لائحة إعداد الرأي القانوني. وإذا كانت هذه اللائحة غائبة، فلا مناص من تقنينها فهي شرط لازم لصحة الرأي القانوني، وبغيرها كل مايعد لايعدو إلا أن يكون رأياً شخصيًا لا يحمل أي صبغة منهجية أو قانونية.

2- كيفية إعداد الرأي القانوني؟ يستجيب لمراحل استلام طلب الرأي القانوني، عبر أنموذج يسمى أنموذج طلب الرأي القانوني، معد سابقاً ومتعارف عليه وبغيره، لايجوز إبداء الرأي القانوني لسبب هين؛ وهو أنَّ بيان القانون وتفسيره هو عمل إداري مُنظم، وله استحقاقات وعليه تبعات يتحملها منشئ الرأي القانوني، ومنها وفي حال الخطأ المهني الجسيم، والتقصير يكون من حق من وقع عليه الضرر اللجوء للقضاء بدعوى ضد المؤسسة أو فردية. ومن ناحية أخرى الرأي القانوني يمثل أحد حلقات تعزيز الشرعية واحترام القانون، فمن الطبيعي ألا يترك للآراء والتقديرات الشخصية.

3- متى يُطلب الرأي القانوني؟ بشأن مسألة أو عمل مادي مسألة في غاية الأهمية، ومن الواجب إن لم تكن مقننة، أن تقنن ويفرد لها نظام، إذ المستقر في جل الأنظمة القانونية أن طلب الرأي القانوني كتابة ملزم، لمتخذ القرار ولكن العمل به غير ملزم، إذ لو قرر متخذ القرار عدم الالتزام بمقتضى الرأي القانوني، عليه أن يسبب عدم قبوله الرأي القانوني ويتحمل التبعات القانونية، في حال ترتب على القرار أضرار مادية أو معنوية للجهات المخاطبة بأحكام القرار.

4- طلب الرأي القانوني في الوقت المناسب يُقلل من أخطاء الإدارة إذ يحد من هامش انحراف السلطة وغلوها، واستخدام السلطة التقديرية خارج السياق القانوني المرسوم، إضافة إلى أنه يفرض قدرًا من السلطة التوجيهية والرقابية على جهات اتخاد القرار بضرورة وضع الاستحقاقات القانونية موضع التقدير والاعتبار. ولعل من أهم مقتضيات استقلال العمل القانوني، وضع تبعية الدوائر القانونية للوحدات إدارياً وليس فنياً، منعًا للتدخل في طريقة عملها. وكذلك إخضاعها للتحقيق في حال تعطيل أو مخالفة القانون.

هذه الضوابط السابقة ترمي إلى تحقيق الركن الركين في القرار أو العمل المادي وهو تحقيق المصلحة العامة، وحفظ الحقوق وصيانة الحريات، وتأصيل الشرعية والمشروعية. وفيها من الحجج والمنطق والغايات ما يجعل ضبط وتقنين العمل القانوني ضرورة ملحة ومنفعة عظمى، إذ ينعكس العمل القانوني الرصين والواعي على كل مشارب وزاويا الحياة والمجتمع ومرافق الدولة.