هوج سحاب

تقوى محمد الجراح‎‎

 

في ليلة إحدى المدن الإستوائية، كانت قطرات المطر تداعب الأطفال الذين يتراقصون ويلعبون مُبللين ثيابهم. لم يكترثوا لغضب  أمهاتهم  ولم يخشوا عِقابهن حين يحين وقت عودتهم، في السماء راقبت السحابة (سحاب) الأطفال ودموعها تنهمر. تساءلت  بينها وبين نفسها، كيف لهم أن يمرحوا وغيرهم يكاد يندثر من الحزن، قالت سحاب محدثة نفسها: " أكاد أجن لدي من الهموم ما يُحدث عاصفة، وفرح أولئك المشاغبين يزعجني!"

أخذت تفكر ملياً، عن ما يمكنها فعله لِتُلقنهم درساً في احترام مشاعر الآخرين، خطرت في بالها فكرةُ أن تفرغ حِملها دفعة واحدة، فحاولت إقناع عائلتها وأصدقاءها لمساعدتها، قالت سحاب: فلنتحد معًا لنريهم معنى الاستهزاء، رفض نصوح (أكثر السحب حكمة بينهم) بشكل قاطع هذه الفكرة فالبشر ليسوا مثل السحب فكلٌّ له اهتماماته! ولابد من التفكير بالخسائر التي ستحدث بعد هجومهم. 

ولكن سحاب العنيدة (جسورة)، لم تصغِ لنصوح الذي استنكر تصرفها المتهور، ذهبت سحاب تحدث الرياح قائلة: عزيزتي الرياح النجدة، أطلب منك زيادة قوتك فلا عاصفة دونك أليس كذلك؟ الرياح: ولم لا لن نخسر شيئًا!  وما لبثت حتى بدأت هي ومن معها بإفراغ همومهم وغضبهم مطراً وزادت الريح من عصفها وأصبحت هوجاء. ركض الأطفال إلى منازلهم مسرعين خشية أذية العاصفة.

تصدر الشريط  الأحمر العريض على  كل القنوات التلفزيونية ينبه الجميع بِتقلب الأجواء، فقد هاج البحر، وقطعت الكهرباء، واقتلعت الأشجار.

بعد ساعات أشرقت الشمس، ورائحة المطر وآثار العاصفة  تعج في كل المدينة. تلاشت (سحاب) شيئاً فشيئاً مع كل معاونيها في إثرها مع بزوغ أول خيوط الشمس.  قال نصوح: هل لي أن أعلم ما الذي أخذته غير أنك دمرتِ نفسك وكل ما حولك؟، قالت سحاب: لعلي فقدت نفسي لكنهم لن ينسوا ما حدث معهم، فهو درس سيبقى محفوظاً في ذاكرتهم جميعًا، قال نصوح في نفسه: لن أجني شيئًا من الحديث مع جاهلة عنيدة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك