أهمية "القطاع الثالث" ودوره في المجتمع

سالم بن حليس بن سعيد البادي

القطاع الخاص في العديد من الدول يُمثل ركيزةً أساسية وركنا من أركان الشراكة الاستراتيجية للحكومة، ومساهمًا حقيقيًا في بناء الدولة. ويعتبر لبنةً أساسية ضمن المخطوط التنموي بكافة المجالات، ولا شك أن منح القطاع وسام الثقة في تقاسم العديد من المشاريع التنموية الاقتصادية و الاجتماعية. هكذا هو الحال في سنغافورة وماليزيا، حيث طبقتا هذا النهج التشاركي للقطاع الخاص.

لقد أرست تلك الدول قاعدة النجاح منذ بداية عهد نهضتها بجلب القطاع الخاص كشريك حقيقي في التنمية؛ حيث منحته دورًا بارزًا ليترك الأثر الأكبر في التغيير الجذري للجانب التنموي للدولة. وهذه الشراكة الاستراتيجية بين القطاع ومؤسسات الدولة ساهمت في إبراز دوره الفعال في انتشال ماليزيا من أزمة مالية خانقة كانت قد لحقت بها أواخر سنوات القرن الماضي.

ونصل إلى مسمى المسؤولية المجتمعية لتوضيح الدور الهام الذي يتعين على شركات القطاع الخاص أن تُسهم به لدمج مشاريع العمل الاجتماعي، بأن تستنفذ بعض من أرباحها في عملية إسناد لتنفيذ بعض المشاريع التحتية والتنموية واللوجستية. وهنا نصل إلى الهدف المنشود في هذا المقال وهو ..أين القطاع الثالث.. ماهيته وموقعه وموقفه ومساهماته في التنمية أسوة بوضع القطاع الخاص..

وقبل الخوض في الرد على تلك التساؤلات لا بد من تعريف مفهوم القطاع الثالث. إن مسمى هذا القطاع في الدول النامية هو القطاع الأهلية و مؤسسات المجتمع المدنية و الجمعيات الأهلية ذات النفع العام. ولهذا القطاع أهميةً توازي أهمية القطاع الخاص..فهو بمثابة ناطق رسمي بلسان أغلبية أفراد المجتمع. كما أن القيادات المسؤولة عن هذا القطاع هم بمثابة نشطاء وقياديين في شتى ميادين العمل الاجتماعي والإنساني وكافة ميادين الحياة الأخرى.

ورغم تلك التنمية لهذا القطاع إلا أنه لا يحظى بما يستحق من أهمية رغم ارتباطه الوثيق بالمتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية التي تشهدها المنطقة في الفترة الحالية، كما أن العمل الخيري والإنساني هو صاحب الأولوية في الجمعيات الأهلية وبالتحديد في رعايتهم للمعاقين والفئات الخاصة ورعاية الأسرة وقضاياها وأمور البيئة وغيرها.

وفي سياق البحث عن دور فاعل ذي أثر لجمعيات ومنظمات القطاع الثالث لا بد لنا الأخذ في عين الاعتبار أن نُشير إلى انعدام المقارنة بين القطاع الخاص والقطاع الثالث؛ فالأول اقتصادي استثماري ربحي بحت، والثاني تطوعي مجتمعي غير ربحي.

ولا بُد لنا من التأكيد بأن  التطورات والمتغيرات المتسارعة أدخلت القطاع الثالث في دائرة الأحداث. ومن الإجحاف أن نغفل عن دور هذا القطاع في الحياة المعاصرة، آخذين بعين الاعتبار مجريات الأحداث وتداعياتها. وبالرغم من الجمود الذي سيطر على العديد من الجمعيات ذات النفع العام فإنه ليس هنالك أي مُبرر لإغفال أو تهميش أو التقليل من تأثيرها حاضرًا و مستقبلًا.

لقد سارعت بعض الدول بفتح حوار معها لاستقطابها في مواجهة أي تحديات مستقبلية. فقد تم إشراك الجمعيات النشطة في تنفيذ بعض المشروعات ذات العلاقة بأنشطة الشباب والرياضة والعمل الاجتماعي والتطوعي. وبما أننا نعيش عصر العولمة وفي ظل ازدياد الترابط بين الجمعيات والمنظمات بعضها ببعض بصورة تقدميه فإنه قد آن الأوان للجهات المسؤولة بالدوام بفتح ملف الجمعيات الأهلية ذات النفع العام، وإعادة دراسته في سياق مجريات الأحداث الإقليمية والدولية.

لقد تزايدت أعداد المنظمات التي انضمت إلى لجنة المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة (الإيكوسوك) التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التي أنشئت لتبادل خبرات وتجارب الدول في شتى مجالات العمل الأهلي التطوعي. والأمل معقود أن يصبح القطاع الثالث شريكًا فعالًا ذا إيجابية تقديمه في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة والتي تتطلب رفع شعار الوحدة الوطنية، والتلاحم مع القيادة دفاعًا عن المصالح العُليا للوطن. وبهذا يصبح القطاع الثالث شريك مُستدام كحال القطاع الخاص.

تعليق عبر الفيس بوك