للمعلمين والمعلمات ألف تحيةٍ وتحية

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

 

عندما أُقدّم آيات الشكر وعِبارات الثناء، وأنثر التَّحيات المباركات الطيبات بين يديّ المُعلمين والمُعلمات؛ فإنّه ولا ريب يندرج معهم وينال ذلك الشكر، كل الوظائف الإدارية المُساندة للمعلمين في المدرسة، على اختلاف مُسمياتهم إلى آخر السلسلة التربوية الذهبية ناصعة البياض عند أهل الجرح والتعديل.

ويأتي شُكر المُعلمين والمُعلمات بمناسبة وبغير مناسبة؛ لأننا مهما قدّمنا وسكبنا وصببنا وكِلْنا لهم عبارات الشكر والثناء لم نَفِ ولن نبلغ مِعْشار قطرات عرق جبينهم في هذا الصيف اللافح، ولكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه، وشُكرنا لهم هذه المرة-وما أقل شكرنا لهم- جاء متزامنا ومتساوقا، ونحن على مرمى حجر من اكتمال العِقد التعليمي، لهذا العام الدراسي الاستثنائي باستثناء تاج هذا العِقد (وهم طلاب الثاني عشر)، فشكرنا وتقديرنا لجهودهم لم يأتِ من فراغ أو لأجل استمالة قلوبهم، أو لحاجة في نفس يعقوب، بل شكرنا لهم نابع من صميم المهمة الموكلة على عاتقهم، ومن ضخامة وخطورة الواجب الذي يقومون به؛ فعلى الرغم من حِرمانهم من رؤية تلاميذهم، ومدى تأثير ذلك الحرمان على نفسياتهم من الجهتين(الطلاب والمعلمين)، إلا أنهم أثبتوا للجميع صدقهم وتفانيهم وإخلاصهم، فإن غابوا تلاميذهم عن ناظريهم، فلم ولن يغيبوا عن مخيلتهم؛ فكانوا يجدونهم في كل مفردة من مفردات المعجم المدرسي؛ ففي الحصص المتزامنة والأنشطة يجدونهم، وفي الاختبارات القصيرة والنهائية يجدونهم في كل ذلك، وفي غير ذلك، فكانت شمس كل يوم مؤذنة بلقاء بين التلاميذ ومعلميهم، لأن الشمس بأشعتها بريد المعلمين الصادق لتلاميذهم تبث وتبعث إليهم أشواق وحنين المعلمين والمعلمات عن طريق أشعتها التي تحمل بين جنبات نورها إلى منازل التلاميذ هذا الشوق وذلك الحنين كل يوم بلا ملل وبلا توقف. إنني أُسابق الزمن لأحظى بشرف تقديم التحية لحرّاس العلم المخلصين الأوفياء، ولِبُناة عقول الوطن في أغلى ما يجد من ثروة في هذا الوطن الغالي؛ لأرسم على جبينهم قُبلة تخفف من معاناتهم في كل يوم يتغلب فيه النهار على الليل فيأتي بضيائه، وينهزم فيه النهار أمام الليل فيغطي ضياءه؛ فقد كانوا قبل الجائحة يُعِدّون الدروس للتلاميذ فقط، ولكن الآن يُعِدّون الدروس للتلاميذ وأُسَرِهم صغيرهم وكبيرهم، رجالهم ونسائهم.

فلا تلوموني في حبهم وتقديري واحترامي لهم، فإن أبيتم إلا المَلامة؛ فغوصوا في أعماق البحار، ولوموا من يستغفر لمعلمي الناس الخير، وأمسكوا على ألسنة الحيتان إن استطعتم فعل ذلك ولن تستطيعوا ولو حرصتم كل الحرص، فحينها لا تلوموني ولوموا أنفسكم؛

فالحيتان وهي تتجول في مملكتها، وتسير بين صغارها، تستغفر في الأعماق لمعلمي الناس فوق الأعماق؛ فأيّ مكانة تبوّأتم؟! وأيّ منزلة بلغتم؟! وأمواج البحر وهي قادمة لتصافح رمال الشاطئ كل يوم، تُحَمِّل رماله أن يبلّغ رسالة للمعلمين، مفادها: (ألف تحيةٍ وتحيةٍ للمعلمين والمعلمات).