غزة تفرح والمستوطنات تخذل

 

خالد بن سعد الشنفري

 

يكفي غزة فخراً أنها صمدت لمدة 11 يوماً بلياليها حتى انتصرت لها مُقاومتها الباسلة، لم ترهب صواريخ المقاومة العدو فحسب بل ما أرعبه أكثر صمود مليوني غزاوي ينتظرون الشهادة في سبيل الأقصى رغم أنهم كانوا يرزحون تحت الحصار الأمني والاقتصادي وعلى مساحة من الأرض لا تتجاوز 360 كم٢ ومنذ 15 عاماً (أعلى نسبة اكتظاظ سكاني في المعمورة).

خرجت غزة المنصورة في تمام الساعة الثانية من فجر الجمعة المباركة 21/5/2021 تكبر تكبيرات العيد لتحتفل به، فبأي حال عدت ياعيد اليوم على غزة بعد تأخير ثمانية أيام كانت أثنائها غزة في شأن.

شكرًا مقاومة غزة على استرداد فرحة العيد لنا جميعاً لكل مُسلم، العيد الذي أرادوا حجبه بما حصلوا عليه من أحدث أسلحة الترسانة العسكرية الأمريكية التي يطلقها جبناء هذا العصر بمجرد ضغطة زر وليس شجاعة مُقاتل (عادة النصل أن يزهو بجوهره لكن ليس يعمل إلا في يدي بطل) وصبوا هذه الآلة جوا وتقيأوها بحرا وبرا على سكان غزة الصمود التي لاتملك طائرة ولا زورقاً ولا قبة حديدية تتمترس خلفها ولاناقة لها ولا جمل في هذه الهبة والنفير إلا نجدة أقصانا ومسرى رسولنا من التدنيس وإنقاذ سكان حي الشيخ جراح وسكان مقدسنا من التهجير، نعم قمتِ بكل ذلك ياغزة وأنتِ في أضعف حالاتك حصاراً واقتصاداً وسجناً كبيراً أمام نظرنا كعرب وأنظار العالم أجمع، قمتِ بذلك نيابة عنَّا نحن 400 مليون عربي وملياري مسلم.

كأني بك ياغزة العزة تعيدين وتستنسخين التاريخ اليوم ليُعيد نفسه من جديد، ففي فجرية الجمعة 18 من مايو 1219م سمع الصليبون داخل عكا ذات الأسوار العتية دقات طبول جيوش الملك الأشرف من مصر وحماة بامتداد السور لهدمه واسترجاعها من الصليبيين.

لم تتمكن مقاومة غزة هذه المرة من هدم الجدار الإسرائيلي البغيض ولكنها هدمت إرادة بقدرتها على إدارة لهيب صواريخها على الإسرائيلي نفسه وحق لها أن تحتفل اليوم بالنصر ووجب علينا أن نتعظ منها ونقتدي بها وندعمها بدون توقف ولاننساها بعد اليوم لتواصل ونحن معها نتواصل ونواصل المشوار، فإنَّ غدا لناظره قريب.

تنادت مع فرحة نصر غزة فجر الجمعة 20/5/2021 القدس والخليل ونابلس وكل البلدات العربية بالتهليل وأضاءت سماء فلسطين بالألعاب النارية ابتهاجا وفرحا بهذا النصر بعد أن الجمت كتائب القسام وأخواتها بصواريخها التي الهبت نيرانها المرعبة معظم المناطق والمدن الإسرائيلية وأجبرتها على العيش في الملاجي لمدة 11يومًا، وبالتزامن مع هذا الفرح العارم خيم هدوء محمل بالخذلان والشعور بالهزيمة كل تل أبيب الكبرى بملايينها الأربعة وكافة المستوطنات ولم تصحُ إلا على تكبيرات أفراح غزة وخذلان المستوطنات بعد أن أجبر الجيش الذي صورته آلة الزيف الإعلامية اليهودية والصهيونية بأنَّه الجيش الذي لايقهر واضطر جنوده للبس حفاضات الأطفال بعد أن أجبرتهم النيران على ملازمة دباباتهم وآلياتهم لأحد عشر يوما فأوقفوا نيرانهم صاغرين.

أعادت غزة بصمودها المشرف اليوم وببسالة مقاوميها (جند الله) لكل عربي َومسلم كرامته فكبر معها تكبيرات العيد الذي لم يتهنأ به أيضاً في موعده لهذا العام أي مسلم غيور على أقصاه وإخوانه في غزة.