هل للحياة آفاق أخرى لا نراها؟

إسماعيل بن شهاب البلوشي

أكثر العُلماء والمُطلعين على خصائص العقل البشري وعظمة الله في تلك الخصائص يرون أنَّ الإنسان ما زال لديه مقدرة وذكاء ومعرفة لا يستخدم إلا جزءًا يسيراً منها طوال حياته، وإذا كان الأمر كذلك فإنِّي أرى لو أنَّ نفس الإنسان وجد في البيئةِ التي يعيش فيها حاجة للذكاء والإبداع واستخدام تلك الخصائص؛ فمن المؤكد أنَّه سيعمل على استخدام حيز آخر ومخزون آخر من ذكائه وسيسخره مسايرًا لتلك البيئة وما تحتاج إليه من مستوى مناسب من الذكاء حتماً.

أعتقد أننا اليوم وبسبب التحديد الذي نعيش والذي اشتركنا جميعاً على اختياره وتحديده هو أننا نرى ونعلم أننا نولد لنتحدث بلغة أهلنا ونُمارس جُلَّ ما يمارسون ثم نذهب إلى المدرسة والجامعة ونتوظف ونُحقق خارطة الطريق الأزلية والتي تكون في الأغلب، هي بناء البيت والزواج وشراء السيارة، وإن زدنا على ذلك قليلاً هو السفر، وبعض المشاريع التي في أغلب الأحيان للعامة مُتواضعةٌ كثيراً؛ بل إننا نختلف ونتصارع على جوانب محددة وصغيرة نعتقد أنها المنقذ والملاذ الوحيد لحياة أفضل لنجد أنفسنا في ضيق مع مُعطيات الحياة والرزق والعمل والكثير من ذلك.

لو أننا أمعنا النَّظر ورفعنا سقف الطموح، فسيتضح لنا أن نفس العقل الصغير هو من حدَّد تلك المعطيات متوارثًا تلك الصفات أو مقيدًا بها، ولذلك وفي مواقف ومناسبات كثيرة نجد أن جُلّ ما نفكر فيه وما نعيشه مُحدداً تمامًا؛ بل إنه مغلق ومن خلال هذا التحديد فإننا لن نصل إلا لخطوطٍ ودوائر أشبعناها استجداءً وهي تصرخ باللاجديد، ومنذ زمن طويل جدًا أثر وبقوة على نمط الحياة وفي كل شيء. ولأنني لم أكن لأطرح الاستفسارات والأسئلة وحسب- كما تعودت دائماً- فإنني أعتقد أنَّه حتى مع الأمل في رفع المستوى التعليمي لتغيير هذا المنظور المحدد من خلاله، فإن ذلك لا يعني أنه من خلال قوة المنهج الدراسي أو الاجتماعي بقدر ما أن الأمر محدد في نوعية التعليم المناسب بشكلٍ عام.

وفي أهم ندوة تعليمية على مستوى السلطنة، حاولتُ أن أوجه الفكر إلى تنمية المواد الفلسفية وأن تكون جزءًا مهُمًا في استراتيجية التعليم، لكن الأهم من ذلك هو اختيار السلوك المناسب للأمة لكي ينعكس ذلك مستقبلاً على تطوير استخدام المقدرات الإنسانية الكامنة فينا، والتي قد تكون أفضل لا شك ومن خلال تطبيق التعليم السلوكي، بدليلٍ واضح ومطلق بأنك لو علّمت أي إنسان السباحة أو قيادة السيارة بمجرد الحديث كما هو مُطبق في التعليم الآن فإنِّه لن يستفيد بشيء، حتى لو استمر لسنوات. ولذلك نحن اليوم نقع في دائرة اعتقاد المعرفة وليست المعرفة تحديداً؛ بل إننا أقرب إلى محو الأمية كنسبة وتناسب مع الزمن، وإذا استطعنا أن نغير السلوك العملي والتطبيق بأكثر من التنظير والحديث وتطوير الفكر من خلاله للوصول إلى ثقافة العمل والإبداع وتطوير الذات لمنافسة أي مستوى من أي جنسية من العالم. وكذلك فإنَّ الفكر العام الذي يتبعه بُعد كبير من الطموح في التنافس على دائرة الإبداع والتركيز عليها، سيكون من شأنه تغيير النظرة العامة بين انتظار العطاء والعطاء نفسه.

وأخيرًا.. إنَّ أي شعب يستمع إلى النصائح العملية الواقعية البعيدة عن المجاملة لتطوير رؤيته إلى الحياة التي تتطور بصورة مذهلة والتي لا تنتظر أحداً، سيكون أثرها عليه إيجابيا حتمًا.