صخب وضجيج

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

لا أدري من أين أبدأ مقالي، فالأذن مشوشة، والعقل في حيرة، والأعين شاخصة نحو مصادر الأخبار الصادقة، لقد أصبحنا في ساحة واسعة تحيط بها المتناقضات، وتتهافت علينا الأخبار من كل حدب وصوب، فكل فرد في المجتمع نصب نفسه صحفياً يسابق بنشر الأخبار، ولم نعد نميز بين الأخبار الصائبة والشائعات.

العالم أصبح ملوثاً، يملأه الصخب والضجيج، والمتلقي في حيرة من أمره، هذا صاحب مجموعة واتساب، أو عضواً في مجموعة ويأتينا بخبر ويصفه بالعاجل والحصري، وفي النهاية نكتشف أنه خبر منقول من مجموعة أخرى لا يتعدى أن يكون شائعة.

أما وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، فحدث ولا حرج، فصاحب الحساب يحدثنا وكأنه يمتلك وكالة رويترز أو قناة BBC أو قناة CNN أو غيرها، فيأتي بالأخبار الكاذبة والمضللة، وتدخل على الخط حسابات وهمية تؤجج الساحة، وتتفنن في حبك الأخبار المضللة، وأخبار الفتنة.

لقد أصبحنا في عالم يدّعي الإسلام والإسلام منه بريء، لقد أصبح المسلم يشي بأخيه المسلم، بل تعدى ذلك أن يقتل المسلم أخاه المسلم دون سبب.

وهناك دول إسلامية تتقاتل فيما بينها وكل منها يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويتطلع إلى نصر الله، والعدو الحقيقي يعيث في الأرض الفساد.

فالإسلام ينهى عن الفتن وعن قتل المسلم لأخيه المسلم، فما الذي أدى إلى أن بلغ حال المسلمين إلى هذا الحال؟

فقبل أيام فجع الجميع بخبر وصول ثلاث عشرة طائرة قادمة من جمهورية الهند إلى السلطنة قبل سريان حظر الطيران إلى الهند ومنها، ولم نكد نفتح الهاتف حتى تهافتت علينا الرسائل ومقاطع الفيديو والصوت تستنكر هذا الإجراء الذي يصفه البعض بالشنيع، بل وصل حال البعض أن وصفة بجريمة قتل جماعية، وهنا لا أنصب نفسي مدافعاً عن أحد، ولكن من باب العقل والمنطق أن حكومتنا الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- تدرك هذا وتعرف أين مصلحة الشعب وهي تسعى إلى إسعاد الشعب وليس إلى هلاكه، فلتكن ثقتنا بحكومتنا الرشيدة أكبر وأسمى من أن تتهم بالتقصير، كما يصف البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأبرزها تويتر الذي أعتبره منبراً للفتنة والإطاحة بالدول والشعوب، فلا خير في تطبيق أو موقع إلكتروني أسسه ويديره اليهود.

فالحديث عن الطائرات التي وصلت مطار مسقط متشعب، فهناك من يقول إنَّ معظم المسافرين لديهم وجهات أخرى ومطار مسقط مجرد محطة عبور لجهة أخرى، والغالبية يقول إنهم دخلوا السلطنة، والحقيقة لدى الجهات الرسمية التي لا نشك في أنها مع مصلحة الوطن والمواطن، ولن تقدم على شيء فيه ضرر للبلاد والسكان.

لنجعل ثقتنا في حكومتنا أكبر، فمتى ما فقدت الثقة بين الحكومات والشعوب واجهت الأوطان المخاطر، وهذا ما يبحث عنه المغرضون المتربصون بهذا الوطن الذي يعيش في أمن وأمان واستقرار وسط براكين الصراع.

ولنأخذ العبر من البلدان التي أُججت شعوبها ضد حكوماتها، هل هي مستقرة الآن؟ أم أننا لابد أن نكتوي بالنار التي اكتوت بها تلك الشعوب حتى نعي الحقيقة؟!

كورونا ابتلاء من الله تعالى، والله عزّ وجلّ أمرنا بالصبر على البلاء والتوكل عليه، والضراعة إليه بكشف الضر عنَّا، وبإذن الله ستنجلي الغمة.

ما يحدث في البلاد من تصاعد في أعداد إصابات كورونا ناتج عن الاستهتار وعدم اتخاذ أسباب الوقاية التي تحثنا عليها الجهات المعنية في السلطنة، وليس بسبب اللجنة العليا، أو وزير الصحة الذي يُطالبه البعض بالتنحي عن مهامه. والإنصات إلى المغرضين لن نجني منه إلا المتاعب، وعلينا التكاتف والتعاون فيما بيننا والأخذ بأسباب الحيطة من أجل الخروج مما نحن فيه.

أدرك أنَّ كلامي هذا لا يستسيغه البعض ممن تشبعت عقولهم بالأفكار المستوردة من وسائل التواصل الاجتماعي ممن ينطبق عليهم قول الله عز وجل.

(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) صدق الله العظيم.

لكن المنطق أن نثق فيمن تحملوا الأمانة، ويحملون على عاتقتهم تبعات هذه الجائحة، وتبعات الأوضاع الاقتصادية التي سببتها، وهذا شأن لن تسلم منه أي بلد، ونحن في عُمان ما زلنا أفضل من غيرنا، فهناك مآسٍ في الدول الأخرى تطالعنا بها يومياً وسائل الإعلام، فلنحمد الله تعالى على ما نحن عليه.