عطاء الأحبة

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

"إن لله عبادًا اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم إلى الخير، وحبب الخير إليهم، أولئك الآمنون من عذاب الله يوم القيامة".

 

العطاء حب ورحمة وصدقة وشكر للنعم التي أنعمها الله علينا، نعم أيها الأحبة فنحن عندما نبذل ونعطي وحتى بأقل ما نملك فهذا من الإيثار وحب الآخرين والمساهمة في إسعاد غيرنا، وخلق البسمة على وجوه قد غابت ابتسامتها طويلاً وأن نسعى في قضاء حوائج الآخرين دون منة ودون رياء ودون مساومة أو لأي غرض دنيوي، فنحن من قلة القلة وليس كثيراً منهم في مثل هذه الأيام وفي مثل هذا الوقت الذي أصبح فيه الناس منشغلون بذاتهم وحوائجهم وأمور دنياهم أكثر من الانشغال بالآخرين ومساعدتهم والعطف عليهم وإيثارهم.

ومن هذا المنطلق يسرني أن أوجه كلمة شكر عميقة للجمعيات الخيرية في بلدنا الحبيبة عُمان، فجمعية الرحمة هي فعلاً رحمة وجمعية العطاء هي العطاء ذاته ومساعدات الشيخ سهيل بهوان حفظه الله والقائمة تطول كلهم أهل خير وساعون في قضاء حوائج الناس، هذا ما لمسته حقاً فشكرا جزيلا لهم وشكرا للناس الأوفياء الذين يحملون منبع الإنسانية في قلوبهم وأرواحهم يعطون ويبذلون ولا يكلون.

منذ أيامٍ قليلة، قرأت عن فاعل خير لم يذكر اسمه دفع كل المبالغ التي كانت على مجموعة من الأشخاص المحبوسين وفعلاً تم الإفراج عن الجميع، وهذا من السُّمو فاين نحن من ذلك؟!

أيها الأحبة.. إن شهر رمضان الذي نعيش أيامه المتبقية فرصة سانحة للعطاء والتصدق والعطف ونحن أحوج لهذه الفرص فلنستغلها لقضاء حوائج الناس والسير في مساعدتهم والدال على الخير كفاعله فلن يضيرنا شيء لو وقفنا وقفة رجل واحد مع هذه الفئة من الناس المحتاجين حقاً كم من الأجر سنتحصل عليه فهو عند الله عظيما، وقد قيل في أحد الأمثال الصينية: مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاؤك إليك.

وقد ورد أن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب- وكان من أجود العرب- سار في البادية ومعه صديق، فمرّا بأعرابية عجوز لا تعرفهما، فقدمت لهما لبنًا، فأعطاها عبدالله ألف درهم. وحين انصرفا قال له صديقه: أتعطي عجوزًا في البادية ألف درهم وهي لا تعرفك؟ فقال: إن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي!

فكم جميل هذا الصدق في العطاء والرحمة وكم جميل أن نقف مع الناس المتعففين الذين يستحقون منِّا أن نقف معهم وقفة صدق وأن نشمر عن سواعد الجد ونعطي بلا حدود مادام خير الله موجود  والحمدلله على الفضل وعلى المنة، ولكن لاحظنا في الآونة الأخيرة من البعض التفاخر بالعطاء من أجل مصلحة ما أن أعطي شخص أو امرأة محتاجة فقيرة أو طفل يبيع قوارير الماء أو بعض الحلويات التي تعدها أمه أو أخته ويقف بها على الشارع وأذهب أنا لمساعدته وأوثق ذلك بالتصوير وأقول انظروا إليّ فقد ساعدت فلاناً وأعطيته هذا المبلغ علنا وأمام مرأى الناس فهذا الخطأ بعينه لذا يجب أن نحد من هذه الظاهرة فنحن لا نعلم كم من الأذى الذي نلحقه بهم وبمشاعرهم.

وقد قال الشاعر في مثل هذه المواقف: 

ليس الكريم الذي يعطي عطيتَهُ

على الثناء وإن أغلى به الثمنا

بل الكريم الذي يعطي عطيته

لغير شيء سوى استحسانه الحسنا

لايستثيب ببذلِ العُرْفِ محْمدة ً

ولا يَمُنُّ إذا ما قَلَّد المِننا

حتى لتحسب أن الله أجبَرَهُ

على السماحِ ولم يَخْلُقْهُ مُمْتَحَنا

وصدق الشاعر عندما قال:

أفسدتَ بالمنِّ ما أوليتَ من نِعم

ليس الكريم إذا أسدى بمنّان

وعليه.. يجب علينا أن نًعطي ولكن بدون أن نجرح مشاعر الآخرين بطريقة أو بأخرى فهو من الأذى هذا وشكراً لكل الناس الأوفياء لكل رجال عمان المخلصين لكل الساهرين على إسعاد الغير والله يحفظ الجميع.