أطلب رضا أمي!

 

حمد بن صالح العلوي

al3alawi33@gamil.com

 

قارئي العزيز..

سعد صباحكم، وحسن حالكم، وطابت أوقاتكم، وأنتم تتمتعون بفضل من الله تعالى بالصحة والعافية، وهناء حال، وصفاء بال بعيدين عن كل كدر .

كل منِّا، صغيرنا وكبيرنا، ذكورا وإناثا، شيبا وشبابا، يؤمن أن القصة رواح للعقل، وأنس للوحشة، وملأ لوقت الفراغ، إضافة إلى ذلك أن القصة عبرة وعظة لغافل، وعلاج لمسيئ ورواح لمحسن.

قارئي العزيز..

ذات يوم مشرق بنور شمس جديدة، ووقت ليس ببرد ولا دفء وإنما كان صباحا يسوده طمأنينة، ولم يمض وقت إلا وتغير الحال، ودوام الحال من المحال، فقد تغير الحال إلى حزن وذلك لأمر جلل!

هذا ما سأخبرك عنه ولن أتأخر...

قال مُحدثي "بعد أن استلمت العمل وكان ذلك في

عام 2009‪ وقع قلبي بحب فتاة، بعد أن أيقنت أنها هي المناسبة لي،جمعت أهلي، للحديث عمَّا يكنه قلبي من علوم وأخبار، جمعت أمي وأخواني وأخواتي، وتكلمت معهم بكل شفافية، لكن قوبل كلامي بالرفض قطعاً، بحجة أنَّ الفتاة، ليست من أهلنا، ولا من جماعتنا ولا من قبيلتنا، وليس بيننا صلة قرابة لامن قريب ولا من بعيد، حاولت إقناعهم لكنني لم أفلح.

وتابع محدثي "ص": لم يعجب هذا القرار أحد وصار فيه أخذ ورد بل وصل الأمر إلى الشقاق والفرقة وشتات العائلة.

مرَّت ستة أشهر، أحسست بالضيق، ساءت حالتي، صرت ناحل الجسم مريضاً، أصبحت وحيداً، كئيبا حزينا، لا يكلمني أحد، أسودت الدنيا في عيني، فقدت السيطرة وأشيع بين النَّاس أن "ص" قد جن.. بعدها خطرت لي فكرة، أن أترك البيت ومن فيه، تواصلت بالاتصال هاتفياً مع أحد أقارب أبي- رحمه الله- يسكن في منطقة بعيدة، وأخبرته أنني، سأزوره، قريبًا.

رحب بي، وبعد أيام، جهزت حقيبتي وحزمت أمتعتي، ووضعت الحقيبة عند باب بيتنا الخارجي، ومن ثم جئت إلى أمي وقبلت رأسها، ثم أخبرتها، أني مسافر، ولم أخبرها مكان وجهتي.

وصلت إلى بيت قريبنا، وطال بنا الحديث، ومن حديث إلى آخر، بعدها أوصلني إلى الحجرة التي ستكون مقر إقامتي، ومرَّت ثلاثة أيام بلياليها حينها، أخبرته بحقيقة الأمر، وقصصت له ماحدث بيني وبين إخوتي، وما صار من تدهور حال، ووالله إنني صبرت على أذى إخوتي وأخواتي، كان ذلك أذى في اللسان أو في اليد والرجل أحيانًا، وفي مجريات الحديث، استأذنته السكن معه، ريثما، أجد لي سكناً، لم يمانع، بل رحَّب بي قائلا:البيت بيتك بني، أهلا بك.

ويتذكر "ص" أنَّه ذات يوم وأنا في طريقي إلى البيت آت من عملي وإذا بهاتفي النقال يرن، نظرت إلى شاشة الهاتف وإذا برقم مكتب، أجبت على الفور: ملقيا التحية والسلام وطيب الكلام قلت نعم ما الأمر؟ ، رد التحية بأحسن منها، ودار بيننا حديث طويل لم أفهم منه إلا جملة واحدة أنني يحتم عليَّ الحضور وفورا! أجبته: خيرا.. ما الأمر؟

رد قائلاً: شكوى ضدك، من أحد أخوانك، تعال تكرماً وستعرف التفاصيل.

غيرت اتجاه سيري، ووصلت، طرقت باب مكتب، وألقيت التحية والسلام، وإذا بالموظف يقول: أنت فلان بن فلان؟ قلت: نعم.. قال إنك مُتهم بازعاج أمك وكان في يده اليمنى سجلا أزرقا، قدَّم لي السجل الذي كتب في صفحاته كلاما كثيرا، مفاده، أنني سبب في إزعاج أمي وأنني دخلت بيتنا في وقت متأخر!

وتابع "ص" حديثه للموظف: لا يُمكن لأحد أياً كان، أن يمنعني من زيارة أمي، مهما كان الوقت ليلاً أو نهارا.

رجعت إلى البيت وجلست روية وعقدت مشاورة مع المقربين ومن بينهم "خالي" الذي أرشدني إلى أن أشكو الأمر إلى القضاء. لعلَّ هذا هو الحل الوحيد لأعود إلى حضن أمي..

وذات صباح اتجهت إلى مكتب القضاء، لعل البسمة تعود من جديد، فقد سئمت الحياة ومافيها من منغصات. عندئذ حدد الوقت، لحضور أمي وأخواني وأخواتي، إلى القاضي حتى يتفهم الأمر..

وأنا أعد الأيام والليالي وأنظر إلى عقارب الساعة التي فى معصم يدي.

وجاء اليوم الموعود وأنا متلهف لغاليتي ومتشوق إلى رؤيتها، وأول ما رأيتها، أسرعت الخطى، وإذا بأخواني يمنعونني وأنا متمسك بجلباب أمي حبيبتي، غاليتي مقبلاً رأسها ثم هويت إلى راحة قدميها وهي تمتنع وأخواني يدفعونني بقوة، والقاضي يُشاهد الوضع ولم يحرك ساكنا، ولم ينبس ببنت شفة.

وبعد فترة نطق القاضي قائلاً:"إنِّه ولدك فلذة كبدك..."

قالت أمي: قد عصى أمري، ولن أسامحه، ولا أريد أن أراه ثانية، بل لا أريد منه أن يتبع جنازتي إذا فارقت الحياة...

يتبع في المقال المقبل،،،