"QNB": "العشرينات المزدهرة" تدعم استمرار التعافي القوي للاقتصاد الأمريكي

الرؤية - خاص

يمرُّ الاقتصادُ الأمريكيُّ حالياً بواحدة من أكبر عمليات التعافي الاقتصادي على الإطلاق؛ فبعد انهيار الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بأكثر من 31% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام 2020، تعافى النمو بقوة على خلفية السياسات التحفيزية الضخمة والتكيف الناجح مع تداعيات الوباء، حسبما ذكر التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB".

وسجل الناتجُ المحليُّ الإجماليُّ للولايات المتحدة مُعدلات نمو سنوية بلغت 33% و4% على التوالي في الربعين الثالث والرابع من العام 2020. وعلى الرغم من أن التراجع الكلي الناتج عن كوفيد 19 كان أكبر بخمس مرات من متوسط التراجع الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال فترات الركود، إلا أن مدته كانت قصيرةً للغاية، فقد استمر لحوالي ربع متوسط مدة الركود. وهذا التعافي أثبت قدرته على الاستمرار، فقد دام لعدة أرباع ولا تظهر أي إشارات على تراجعه، بالرغم من الموجات المستمرة من حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19. في الواقع، لا يزال المؤشر الأسبوعي المبكر لرصد النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، والذي يعتبر مؤشراً مركباً من البيانات عالية التردد التي تسبق عادةً دورة الأعمال بواقع 3 إلى 10 أشهر، يشير إلى حدوث تسارع كبير في النشاط، خلال الربعين القادمين على الأقل.

وتتجلى أيضاً ثقة المستثمرين في استمرار تعافي الاقتصاد الأمريكي في التقدم الأخير لمؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، والتي ارتفعت بشكل كبير بعد الانهيار المفاجئ الذي شهدته السوق في مارس 2020. ويقوم المستثمرون برصد التوقعات المستقبلية، وبالتالي فإن حركة أسعار الأسهم تسبق تطورات النشاط الاقتصادي ببضعة أشهر. ووفقاً للسيد إيد يارديني من مؤسسة يارديني للأبحاث، فإن حجم النمو الإيجابي المفاجئ في أرباح وإيرادات الشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 "كان أكبر بكثير خلال الأرباع الثلاثة من أزمة الجائحة مما كان عليه عند نهاية الأزمة المالية العالمية". ويؤدي حدوث موجة من المفاجآت الإيجابية في الأرباح عادةً إلى نمو إضافي في الأرباح، وهو قاسم مشترك بين الاقتصادات التي تعتبر في بداية دورات التعافي.

ويتوقَّع التقرير استمرار التعافي الأمريكي خلال الأرباع الفصلية المقبلة، مشيرا إلى 3 عوامل رئيسية تدعم هذا التقييم، أولاً أنه من المرجح أن يوفر التعميم السريع للقاحات الفعالة ضد كوفيد 19 حلاً دائماً للوباء في الولايات المتحدة. ثانياً: خرجت الغالبية العظمى من الأسر الأمريكية سالمة من الناحية المالية من أزمة الجائحة؛ فعلى الرغم من استمرار ارتفاع معدلات البطالة، التي تطال حوالي 10 ملايين شخص، شهدت الولايات المتحدة أكبر زيادة في الدخل الشخصي منذ أكثر من 30 عاماً في عام 2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى الإعانات المالية السخية من الحكومة، كما ارتفعت المدخرات الشخصية؛ مما خلق جداراً من أموال المستهلكين التي سيتم إنفاقها بمجرد فتح الاقتصاد. ثالثاً: أكدت السلطات الاقتصادية الأمريكية بالفعل استعدادها وقدرتها على مواصلة دعم الاقتصاد المحلي لفترة أطول، منها اعتزام ضخ 1.9 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة.

واختتم التقرير بالقول إنه يبدو أن التعافي في الولايات المتحدة يخوض أولى جولاته، وفي غياب أي صدمات كبيرة غير متوقعة، من المؤمل أن تقود الولايات المتحدة العالم إلى فترة من معدلات النمو المرتفعة، وإذا استمر ذلك مع مرور الوقت، فقد يكون بداية فترة "العشرينات المزدهرة" بعد الوباء، تماماً مثل التوسع الاقتصادي الذي أعقب الحرب العالمية الأولى ووباء الإنفلونزا الإسبانية.

تعليق عبر الفيس بوك