شركات في مهب الريح!

علي بن بدر البوسعيدي

تحديات عديدة واجهها القطاع الخاص خلال السنوات القليلة الماضية، لكنَّ جائحة فيروس كورونا كانت القشة التي قصمت ظهرَ عدد كبير من شركات ومؤسسات هذا القطاع، لا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعدد من الشركات الكبيرة أيضا؛ فالتبعات السلبية التي خلَّفتها الأزمة نتيجة الإغلاقات التي استمرت شهورا طويلة في 2020، وتراجع الإنفاق الحكومي، واستحواذ عدد قليل من الشركات على معظم الأنشطة الاقتصادية، بينما الفتتات لا يكاد حتى يصل إلى الشركات والمؤسسات الأخرى، كل ذلك كان بمثابة عوامل عدة تهدد الشركات وتضعها في مهب الريح.

لا نُبالغ في هذا الطرح، فما تنشره الصحف والجريدة الرسمية من أعداد لا حصر لها من الشركات التي تعلن إفلاسها أو تصفية أعمالها، وتخارجها من السوق بديون وقروض، يعكس مستوى التحديات وحجم الصعاب التي تُثقل كاهل هذه الشركات. ولعل النتيجة السلبية الأسوأ هنا إلى جانب خسارة رؤوس الأموال وانهيار الشركات، أنَّ أعدادا كبيرة من أبناء هذا الشعب يجدون أنفسهم بلا عمل ولا وظيفة، بينما تطاردهم البنوك بأقساط القروض التي حصلوا عليها لأجل بناء مسكن يأوي أسرهم، أو لشراء سيارة تساعدهم على التنقل والحركة، كما تلاحقهم فواتير الكهرباء والمياه بعد رفع الدعم عنهما!

واحدٌ من التحديات الكبيرة الذي يواجه اقتصادنا الوطني بشكل عام، وشركات القطاع الخاص تحديدا، نقص السيولة في السوق، وصعوبة تحصيل مستحقات الشركات لدى الحكومة أو حتى مؤسسات القطاع الخاص الأخرى، فكم من شركة تسعى بكل جهد لجمع مستحقاتها من السوق بأي وسيلة كانت، حتى ولو القسط اليسير، لكن للأسف لا تتمكن، والسبب نقص السيولة، الأمر الذي يفرض على صناع القرار اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحفيز الأنشطة الاقتصادية وضخ سيولة جديدة في الأسواق.

والحديث عن حزمة تحفيز اقتصادي ليس بالأمر المستغرب، بل إنه حتمي ولا غنى عنه، ولننظر إلى دول العالم بما فيهم أمريكا، التي اكتوت بنيران الكساد الاقتصادي الناجم عن الوباء، لذلك أعلنت العديد من الدول ضخ حزم تحفيز على أمل إنعاش الاقتصاد المنهك، حتى إن الولايات المتحدة نفسها تنوي ضخ 1.9 تريليون دولار لإنعاش اقتصادها الذي يعاني من الركود والكساد.

أذكرُ هنا ما رواه لي أحد رجال الأعمال الذي يملك شركة متخصصة في تجهيزات الإطفاء والدفاع المدني، والتي -مثل غيرها الكثير من الشركات الوطنية- تزوّد المؤسسات الحكومية والخاصة بما تحتاج إليه من معدات وأجهزة الإطفاء، لكنهم باتوا يتعرضون لخسائر فادحة نتيجة منافسة المنتج المستورد، والتي يجلبها البعض ويتسبب في حرب أسعار طاحنة.

... إن المطلوب وبصورة عاجلة من حكومتنا الرشيدة، أن تطلق حزمة تحفيز اقتصادي ومالي تدعم نمو الأنشطة التجارية والاقتصادية، بهدف حماية الشركات الوطنية وإنقاذها من مصير مؤلم يلوح في الأفق، وكذلك على البنوك أن تسهل إجراءات الحصول على القروض، وأن تكون للشركات العمانية الأولوية في الاقتراض، فهذه أموال الوطن وأبناء الوطن أحق بها من غيرهم.. فهل نتخذ القرار في الوقت المناسب قبل فوات الأوان؟!