حزب الكنبة و"بخيت وعديلة"!

 

سمير الهنائي

في الفيلم المصري "بخيت وعديلة" والذي تدور أحداثه عن زوجين يحاولان الحصول على شقة يسكنان فيها فيلجآن للترشح للانتخابات البرلمانية لتحقيق أحلام العمر، فيقتربان من المسؤولين والتجار لكي يحققا أهدافهما؛ دون أن تهمهما المبادئ والقيم الوطنية، إلا من أجل تحقيق مصالحهما الشخصية؛ فيكسبان الانتخابات وتتحقق أحلامهما بالطرق غير الشرعية.

ولقد راق لي توصيف وكيل وزارة العمل للواقع الذي نُعاني منه في العديد من المؤسسات الحكومية حينما ذكر لفظة "حزب الكنبة"، ولكي لا نخوض كثيرًا في فلسفة المصطلح، إلا أن معناه برأيي هو حزب الكسالى؛ أولئك الذين يتقاضون رواتبهم الشهرية دون جهد يُذكر أو دون حق في ذلك. فهؤلاء هم أشخاص غير منتجين فقط يأتون إلى العمل للجلوس أمام الإنترنت واللعب عبر الهاتف والتجمعات في كبائن القهوة في المديرية أو الوزارة، والبعض من هؤلاء يقضون نصف يومهم في الأحاديث الجانبية، فيما بينهم ويتركون المراجعين في قائمة الانتظار، هم حزب موجود في كل دائرة وهيئة تصادفونه في أي زمان ومكان، ومن هنا على المسؤولين أن يبدأوا بأنفسهم من الوزير وصولاً إلى الموظفين في أدنى وظيفة، وهو تطبيق نظام خدمة العملاء Customer Service  الذي تعمل عليه غالبية الدول المتقدمة، وبموجبه يقوم الموظف على خدمة المراجع في كل رقي وتقدير وجهد وإنتاجية سريعة من أجل تقديم خدمة ممتازة ذات جودة من خلالها توضع آلية الوقت المطلوب لإنهاء المعاملة وإنجازها ومدى التحديات والإمكانيات التي ستنتهي بها وإلخ وأيضاً يكون هناك آلية صندوق مقترحات وشكاوي فعالة ومستقلة ولا بأس إذا كانت إلكترونية وتتبع جهاز الرقابة أو وزارة العمل في كل منشأة حكومية تقيم الموظفين من حيث مدى تجاوبهم في إنجاز معاملات المواطن والمراجع، حتى ولو كان وزيرًا توضع في مكان بارز؛ وهي خاصة للمراجعين يبدون فيها رأيهم حول جودة الخدمة والموظف وإدارته وألا نعتمد على الصناديق التقليدية الحالية؛ لأنني أتذكر ذات مرة قمت بتعبئة استمارة شكوى لمؤسسة صحية وتفاجأت أنها لم تصل للإدارة، ويبدو أن ساعي البريد قرأها قبل وصولها أو ربما ذهبت أدراج الرياح وحينما واجهت الإدارة قالوا شكواك مفقودة من البريد.

ومن هنا علينا حقاً أن نتخلص من عدم المبالاة بتلك المسؤولية وحان وقت العمل من أجل جودة أفضل في تقديم الخدمات للمواطن. وأذكر أيضاً قبل شهرين كنت في مؤسسة صحية؛ حيث كانت الممرضة في حديث جانبي مع زميلتها الصيدلانية، وكنت واقفاً في الانتظار لدقائق طويلة. وكذلك ناهيك عن الطبيب المناوب ليلاً يُغادر المستشفى لمنزله والمرضى ينتظرون وحينها تقوم الممرضة بالاتصال به مدعية أنه كان ذاهباً ليتناول العشاء الساعة 12 صباحا، فهذه صور عديدة ما زالت مستمرة حتى الآن، فعلى الموظف أن يدرك أن العمل أمانة وأن الأمانة هي نبراسه نحو تحقيق مسؤولياته بأكمل وجه ورضا بل ولتحقيق غاياته المادية لبناء مستقبله وطموحاته .

حاولت ربط أحداث الفيلم في وضعية الموظف الكسول هنا، فهو يسعى إلى نيل راتبه الشهري دون أن يكون لديه مبدأ المسؤولية والأمانة في إنجاز مهام عمله وهو يدرك تماماً أن غايته الأسمى ثابتة وراتبه مستمر على أيِّ حال في نهاية كل شهر وإن كان غير منتج.

ولنبدأ من المسؤولين.. حان الأوان أن تكون مكاتب المديرين مفتوحة وبارزة في مداخل كل هيئة خدمية.

وأختم هذا بقوله تعالى "إنَّ الله لا يُغير مابقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم"، ومن هنا تبدأ الطريق نحو تحقيق موظف منتج وخدمة ممتازة.