أكثر شيء.. جدلا!

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) سورة الكهف آية 54.

في الكتابة ثمة أفكار تأتي وتعود، تمر وتذهب، الكاتب ( أي كاتب) تتمايل أمامه الأفكار، ويطمع في فكرة تستحق الانشغال الذهني، وتتراءى أمامه أسئلة واستفهامات وحقائق تستحق، وحقائق لا تستحق حتى الالتفاف!

وسط متاهة التساؤلات، أتساءل: هل الرسائل الشخصية هي مشروع مقال؟

هل قصة المجالس أمانات لا تستوي مع نشر المقال، حتى لوموه الرداء بألوان مختلفة، وتغطية الألوان الحارة بألوان باردة؟

لنستدرك قليلاً ونتذكر رسائل مي زيادة وجبران خليل جبران، مع أنَّ الواقع لايوجد به وضع  مي ولن يكون جبران، أعلم أن التمويه في مثل هذه الأمور صعب، قد يكتشف فحواه، وقد يرى مجراه، وقد تذهب المعاني إلى مستوى أبعد من مستواه!

الحياة تجارب، توجد تجارب ثرية، وهناك رؤى جريئة، لكن الجرأة ليست شرطا لنجاحها، إننا نتعلم الكثير من التجارب فارهة الفوائد، ولاشك أنَّ بعض طرق السعي وعرة، أحياناً قد يكون الاعتماد على النفس هو أول خطوات الفشل، في مكان يعج بكل شيء، وأي شيء، وتكون أنت لوحدك في وجه الأشياء!

قد نرى هذا انتحارا!

العمل الفردي ليس حلاً في كل واردة، ولايغني في الشاردة، الفرديات قد تنجح بظروف معينة ولن أقول استثنائية، لكن بارك الله في الجماعة، ويد الله في الجماعة، مسألة أن تسعى لوحدك فيها نظر، يقول أهل مصر في أحد أمثالهم الشعبية الشهيرة : اللي ماعندوش كبير يشتري كبير، وأهل الخليج عندهم مثل شعبي: اللي أمه بالدار عجايبه كبار!

العمل بثنائية أو جماعية قد يسهل الدرب، ويقطع الطريق، بالطبع الأمر ليس على إطلاقه، إنما الجهد المشترك في أي عمل هو إضافة وليس نقصاً (على فرضية صحة الجهد والعمل).

هل تتذكر الآية 54 من سورة الكهف، والتي تتحدث عن جدلية الإنسان، ومقارنة تفسير القرطبي للآية وتفسير الطبري؟ هل الإنسان فعلاً مثير للجدل، أعتقد أنه الجدل بشحمه ولحمه وأسنانه وأظافره وشفاهه وعينيه!

قرارات المواجهة الارتجالية بلا تخطيط وافٍ وبمواجهة عاصفة ولوحدك وبجسدك أمامها، والطريق ينوء بظلمة ونور خافت لايكاد يضيء، بالتأكيد ستكون مواجهة التحدي غير متكافئة!

حتى وإن كان وضعك مثارا للإعجاب، وفولاذيا في مواجهة تحديات الحياة، ولم تنحنِ ولم تذبل زهرتك وإن ازداد تفتحها، لكن تبقى المواجهة غير المدروسة عرضة للفشل، فالحياة لا تصاحب إلا الأقوياء، يقول الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي: إن العذاب هو المصدر الوحيد للإدراك، رغم أنني قلت في البداية إن الإدراك هو أسوأ ما يتميز به الإنسان!

للحياة مآلاتها وتموجاتها وتياراتها التي لا تبقى على خط سير واحد، والتعامل بحكمة هو أهم أمر يستحسن النظر إليه، واتقاء المفاجآت المباغتة، وتداعيات قد تكون متوقعة، حصافة الفكرة مهمة، والرصانة في المواجهة، وتوقع الأسوأ حتى تكون النتائج إما متوقعة وقد تمَّ عمل اللازم لمواجهتها أو سارة وهي النتيجة المنتظرة، لا تنتظر عون من لايستطيع إعانة نفسه، فاقد الشيء لا يُعطيه، لا تتوقع أن ينبت الشوك وردا، ولا تدخل البحر بلا تيقظ فقد تصطدم بالصخور وتنزلق بالطحالب!