ماذا لو أصبحت وزيراً؟

د. حميد بن فاضل الشبلي

Humaid.fadhil@yahoo.com

درجة معالي الوزير التي يمنحها السُّلطان والملك والحاكم في أيِّ بلد، تعتبر من أسمى وأعلى الوظائف التي يتمنى أن يصل إليها كل فرد في أي مجتمع، إلا أنها وفي المقام الأول تعتبر محل تكليف قبل أن تكون محل تشريف، كما أنها مسؤولية عظيمة أمام الله تعالى، وكذلك مع الثقة التي أوكلها ولي أمر الوطن ومعه المجتمع لمن نال شرف هذه المكانة.

لذلك ومع هذا الثقل العظيم نقول كان الله في عون من حمل هذه الأمانة، مع التأكيد أنَّه من الجميل وجود أفراد يسعون ويجاهدون للوصول لهذا المنصب الرفيع، وخصوصاً إذا كانوا يحملون فكرًا وقدرات وإمكانات يرغبون في تسخيرها لخدمة الوطن، ولنا في ذلك خير مثال سيدنا يوسف عليه السلام، حين طلب من فرعون مصر (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف -(55)، فكان إعلامه لفرعون بأنَّ لديه خبرة في ذلك، حيث أراد نبي الله يوسف عليه السلام أن يوصل رسالة للملك، بأني حافظ لما استودعتني وعالم بما وليتني، لا أن يكون الهدف من الوصول لكرسي المسؤولية هو الوجاهة الاجتماعية، والاستفادة الذاتية في الحصول على المنافع والامتيازات في كثير من الأمور المادية، وذلك من خلال استغلال المنصب الرفيع الذي يسهل له الحصول لما يطمع ويرغب فيه.

في هذا المقال لديِّ رسالة أتمنى أن أذكر بها نفسي ومن ثم كل موظف ومسؤول على هذه الأرض الطيبة، أن خدمة الوطن لا تشترط أن يكون الفرد بدرجة وزير فقط، فكلٌ يقوم بدوره في المكان الذي سخره الله له، ولا يقل شأناً عن الموقع الذي يتواجد فيه أصحاب المناصب العُليا، لأنَّ الجميع مسؤول أمام الله فيما كلف به من مهام ومسؤولية ولو كانت بسيطة، حيث يتساوى الجميع في حجم الأمانة التي تقع على عاتق كل فرد، فلا يجوز للموظف أن يتهاون في عمله عندما يشاهد مسؤوله المُباشر لا يولي العمل أي اهتمام، بحجة أن المسؤول "بايعنها" فلماذا أنا أُجهد نفسي، حيث يعتقد البعض أنَّ ذنب التقصير والإهمال لا يقع إلا على أصحاب المناصب العُليا كالوزير ومن في درجته من المسؤولية، وهذا جرم عظيم حيث يتحمل المستفيد (المراجع) لخدمات تلك المؤسسة ذنب ذلك التقصير الذي تتعرض له معاملته من تأخير في الإنجاز جراء ذلك.

أما الحديث حول ماذا لو أصبحت وزيراً، فإننا نذكر الإخوة والأخوات ببعض التساؤلات وخاصة الذين لديهم طموح بالتغيير والتطوير في حال أنهم أصبحوا وزراء، هل لديكم نفس هذا الشعور في موقعكم الحالي من الوظيفة، أم أنَّ الجهد والفكر والابتكار ستظهرونه فقط في حال أنكم أصبحتم بدرجة وزير، هل بذلتم في وظيفتكم الحالية ما ترضون به ربكم ومن ثمَّ ضمائركم، هل لديكم من الفكر والمعرفة ما يشفع لكم لتزكية أنفسكم لتحمل مسؤولية أكبر كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام، بهدف المساعدة في التنمية والتطوير للمجتمع بصورة أفضل وأسرع، وحول هذا الطموح توجد أمثلة كثيرة في هذا الوطن لأرواح وطنية مخلصة، حاولت الحصول على فرصة لتحقيق رؤى تطويرية إلا أنها لاقت التجاهل والتهميش من قيادات تلك المؤسسات.

أما الهمسة الأخيرة فهي لمن نالوا شرف درجة معالي الوزير في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى الشقيقة والصديقة، حيث نبارك لكم هذه الثقة التي أولتها حكومة وقيادة وطنكم وكذلك معها أفراد مجتمعكم، وما كان نيلكم لهذا المنصب الذي نلتم به هذا الشرف، أن يحدث لو لا توفيق الله ومن ثم وجود سيرة عطرة مجيدة ساهمت في تشريفكم بنيل الحقيبة الوزارية، والحقيقة أننا نعلم ونستشعر مدى المسؤولية التي تقع على عاتق موقعكم في رأس هرم الوزارة التي كلفتم بمسؤوليتها، ولكن كُلنا ثقة في خبراتكم وقدراتكم نحو تحقيق الأهداف المنشودة، وما يرغب ويطمح إليه المجتمع من وجود مُنجزات تتحقق على أرض الواقع، فهل ستتحق تلك الأمنيات التي طالما حلمتم أنتم مسبقاً بتحقيقها في حال أنكم أصبحتم وزيراً، والإجابة كذلك متروكة لكل شخص يحلم أن ينال هذا الشرف العظيم.