"لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون الأذكياء؟".. كتاب يرصد مراحل انهيار 51 شركة

ترجمة- الرؤية

يجيب الكاتب وخبير التنمية البشرية سيدني فنكلشتاين عن سؤال محوري مهم في مُختلف قطاعات العمل، وهو: "لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون الأذكياء؟"، وذلك في كتاب يحمل عنوانه نفس السؤال؛ حيث يناقش ظاهرة تتكرر في عالم الأعمال وهي انهيار بعض الشركات الكبيرة بعد فترة قصيرة من إنشائها.

لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون الأذكياء.jpg
 

فبعد عامين من إنشاء تلك الشركات، يبدأ الانهيار عادة، وتهوى قيمة الأسهم، فما الخطأ الذي يحدث في هذه الحالات؟ يوضح فنكلشتاين أن الإدارة العُليا في هذه الشركات عادة ما ترتكب بعض الأخطاء الغبية بشكل لا يصدق. لكن المسؤولين المعنيين دائمًا ما يكونون أذكياء بدرجة ملحوظة، وعادة ما يكون لديهم سجل إنجازات رائعة. غير أن الأمر المحير هو أنَّ المديرين المتميزين يمكن أن يرتكبوا أخطاء سيئة بسبب الطريقة التي يضخمون بها الضرر في كثير من الأحيان. فبمجرد قيام الشركة بخطوة خاطئة خطيرة، يبدو غالبًا أنها لا تستطيع اتخاذ أي قرار صحيح.

لكن.. كيف يحدث هذا؟ ولماذا يزيد الرؤساء التنفيذيون من أخطائهم بانتظام؟

للإجابة على هذه الأسئلة، نفذ سيدني فنكلشتاين أكبر مشروع بحثي على الإطلاق مخصص لرصد أخطاء وإخفاقات الشركات. وفي هذا الكتاب يكتشف فنكلشتاين وفريقه البحثي- بوضوح مذهل ووثائق لا يمكن العثور عليها في مكان آخر- الأسباب المسؤولة عن إخفاقات الشركات الكبرى. ويروي المؤلف في الكتاب قصص الكوارث التجارية الكبرى، ويوضح أن هناك طرقًا محددة تجعل العديد من الشركات نفسها عرضة للفشل دائمًا.

ويقول المؤلف في مقدمة كتابه "لم يكن هدفي فقط فهم سبب انهيار الشركات وفشلها، ولكن التركيز على الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الإخفاقات؛ ليس فقط لفهم كيفية تجنب هذه الكوارث، ولكن أيضاً لتوقع علامات الإنذار المبكر للفشل. وفي النهاية، أردتُ تجاوز التفسيرات المخصصة للفشل على أساس كل حالة على حدة، وكشف جذور هذه الإشكاليات".

ويتناول الكتاب عشرات من "الرؤساء التنفيذيين الأذكياء" الذين تجرعوا مرارة الفشل، ومن بينهم جيل باريد من شركة ماتيل، ودينيس كوزلوفسكي في تايكو، وجان ماري ميسييه في شركة فيفيندي، وروبرت بيتمان من شركة "إيه أو إل تايم وارنر"، وولفجانج شميت في شركة رابرميد.

وكرس المؤلف في بحثه الخاص بهذا الكتاب، اهتمامًا شديدًا بكبار المسؤولين التنفيذيين في 51 شركة متنوعة من مختلف الأحجام ومجالات العمل. وسعى للإجابة عن أسئلة مثل: كيف وفي ماذا أخطأ أفضل المديرين التنفيذيين؟ ما الذي يمكن أن نتعلمه من أخطائهم؟ وكيف نتجنب تكرار هذه الأخطاء في المستقبل؟

وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام: أخطاء الشركات الكبرى، مع التركيز على أربعة تحديات تجارية مختلفة وهي: إنشاء مشاريع جديدة ناجحة، وإدارة عمليات الدمج والاستحواذ، والتعامل مع الابتكار والتغيير، وتطوير استراتيجيات الفوز في مواجهة الضغوط التنافسية الجديدة. أما القسم الثاني فيحدد الأسباب الكامنة وراء الفشل الواضحة حتى عبر أنواع مختلفة من أخطاء الشركات. وفي هذا الجزء، يقدم فنكلشتاين تحليلًا أعمق للأنماط الشائعة للسلوك التي أظهرها الرؤساء التنفيذيون في الشركات الفاشلة. وفي القسم الثالث، يحوِّل فنكلشتاين انتباهه (وأيضاً انتباه القارئ) إلى تطوير فكرتين نقديتين؛ الأولى مدى إمكانية توظيف نتائج الدراسة المتضمنة في الكتاب لوضع نظام إنذار مُبكر لخطر فشل الشركات، وما إذا كانت نتائج الكتاب تُساعدنا على التنبؤ بالقرارات المطلوبة عندما تتداعى المشكلات. في حين أنَّ الفكرة الثانية في كيفية إنشاء المديرين التنفيذيين الناجحين مؤسسات يمكنها التعلم من نتائج الكتاب، والأفضل من ذلك تجنب الكوارث، وماذا يمكن أن نتعلم منهم؟

ويوضح المؤلف أنَّه قبل بدء بحثه، لم تكن هناك "فرضيات واضحة تمامًا" فيما يتعلق بأنماط الفشل، ثم انتقل إلى سلسلة من دراسات الحالة المصغرة التي تكشف عن الأخطاء التنفيذية والدروس التي يمكن التعلم منها. ويلفت الكاتب إلى أنَّ النقطة المحورية التي حظيت باهتمامه الخاص تمثلت في مجموعة علامات الإنذار المبكر التي كشف عنها البحث. ومن المرحج ألا تسمح نتائج البحث في مساعدة الآخرين لتفادي ارتكاب الأخطاء، لكن على الأقل التعرف على الأخطاء المحتملة في الوقت المناسب، بما يمكن أن يقلل من الضرر المتوقع. وثمة أهمية خاصة للطرق التي صاغها فنكلشتاين لتشخيص أخطاء العمل أثناء حدوثها. وقد لا يكون هذا هو الغرض الأوّلي لفنكلشتاين، لكن ما وجده المؤلف أثناء بحثه عن تفسير للفشل يمثل ثروة من المعلومات التي يُمكن أن تساعد التنفيذيين الأذكياء على النجاح.

ولذلك يمكن القول إن هذا الكتاب عملي ولا غنى عنه، ويجب قراءته للتعرف على آليات فشل الشركات وكيف يمكن تجنب ذلك وماذا يتعين على الشركات والرؤساء التنفيذيين القيام به إذا حدث ذلك.

تعليق عبر الفيس بوك