ترجمة- هديل العبرية
نشرت صحيفة ذا جارديان البريطانية مقالا بقلم نسرين مالك كاتبة العمود في الصحيفة، تروي فيها تجربتها مع تعلم اللغة الإنجليزية.
وتقول مالك: عندما كنت طفلة خلطت اللغة الإنجليزية بالعربية، والآن أدرك أنه ليس هنالك من شيء يدعى لغة محدده، والتي تنتمي لمجموعة واحدة فقط.
كان يومي الأول في مدرسة إنجليزية مُزريًا. يوم ملئ بالاهانات الصغيرة: ذلك النوع الذي يبدو تافها بعد الإدراك المتأخر الذي يتبع سن الرشد، لكنه في مرحلة الطفولة يغرس شعورًا بالنقص، ذلك الشعور الذي لا يستطيع المرء تخطيه أبدًا.
كانت عائلتي قد انتقلت لتوها إلى كينيا؛ حيث كانت الإنجليزية اللغة الرسمية، وكنت في السابعة من عمري، ولم أكن أستطع نطق كلمة إنجليزية واحدة؛ إذ إنني نشأت حتى ذلك العمر في دولة عربية، كما تلقيتُ تعليمي في مدرسة عربية.
جلست صامتة في الصف، وفي حالة ذهول، آملة ألا يلاحظ أحد عجزي، لكنني رغم ذلك جذبتُ الانتباه كوني وضعت حقيبتي المدرسية في المكان الخطأ. وقد طلب المعلم معرفة مكانها، لذلك اضطر أن يلجأ في نهاية الأمر إلى الإيماءات لإيصال المعلومة لي.
الأمر المضحك- والذي بدا مستحيلا في تلك اللحظة- ألا وهو أنني لا أتذكر فعليًا متى تعلمت الإنجليزية، والذي افترض أنه يتحقق مع سرعة الأطفال في اكتساب لغة جديدة. كل ما أستطيع تذكره هو أنني ذات يوم وسط عشت عزلتي المهينة، وفي اليوم التالي كنت قادرة على قراءة كتاب الصف الأول كاملًا من الغلاف إلى الغلاف.
اليوم ورغم مرور ما يقارب الأربعة عقود من التعليم والعمل باللغة الإنجليزية ما زلت أتعثر في المعايير التي وضعها أساتذتي، فلهجتي تملأ المكان، وغالبًا ما اضطر لتوقف عن الحديث وترجمة أفكاري في رأسي من العربية أولًا مما يؤثر على نطقي، كما إنني ما زلت أُخطئ في نطق الكلمات.
لم يعد لدي وقت لذلك الاهتمام الشديد باللغة بعد الآن؛ حيث أدركت بعد أن قضيت أعوامًا عديدة في محاولة "تحسين" لغتي الإنجليزية أنني كلما حاولت اتباع القواعد، سواء كانت مرتبطة باللهجة أو النطق أو حتى النبرة، تصبح لغتي أكثر ترددًا ومفرطة في الرسمية!
إن الغرض من اللغة تيسير التواصل، ويكمن سحر اللغة في قدرتها على التطور تلقائيًا لتسهيل هذا الاتصال، ودمج واستيعاب المؤثرات، وبالتالي احتياجات أولئك الذين يستخدمونها.