تعافٍ بطيء لصناعة النفط.. وانهيار "اتفاق الخفض" ينذر بالعودة للمربع الأول

ترجمة- الرؤية

أظهرت أسعار النَّفط العالمية بوادر تحسن مع انتعاش ملحوظ أنهى فترة طويلة من التراجعات غير المسبوقة، ما أزاح حالة الإحباط التي سيطرت على الصناعة خلال المراحل الماضية.

ووفقاً لتقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، يبدو أنَّ التقدم المحرز في تصنيع لقاح مضاد لفيروس كورونا خلق آمالا عالمية بإمكانية انقشاع الغمة، وزوال الوباء عن العالم، وهو ما عزز التطلعات بتعافي الطلب على وقود الطائرات والبنزين. إضافة إلى عدم قدرة الحزب الديمقراطي على الفوز بأغلبية المقاعد في انتخابات الكونجرس، ما خفف من حدة المخاوف المرتبطة بمستقبل صناعة الوقود الأحفوري.

وخلال شهر نوفمبر، شهدت التداولات في بورصة وول ستريت الأمريكية انتعاشاً واضحاً؛ حيث صعدت 6 من أكبر 7 أسهم على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وكلها مرتبطة بصناعة النفط. وحقق سهم شركة أوكسيدنتال بتروليوم أرباحاً مذهلة بلغت 73%. وارتفع سهم ديفون إنرجي وآباتش ودياموندباك إنرجي، بأكثر من 50%. وارتفع مؤشر صندوق الطاقة في قطاع الطاقة بنسبة 28%، وهو ثاني أقوى شهر منذ إطلاق الصندوق في عام 1998، وفقًا لإحصاءات نشرتها "رفينيتيف"، حيث تخطى الرقم القياسي المسجل في مايو الماضي.

وقال بوب مكنالي رئيس شركة رابيدان إنرجي جروب للاستشارات: "جاء عيد الميلاد مبكرا لصناعة النفط والغاز"، في إشارة إلى البهجة التي حلت على القطاع.

ويرى مراقبون أن هذا الانتعاش منطقي، بالنظر إلى أن أسعار النفط الأمريكي ارتفعت بنسبة 27% في نوفمبر، وهو أحد أفضل الشهور على الإطلاق. وكانت نسبة قياسية سُجلت في مايو الماضي عندما ارتفع سعر النفط الخام بنسبة 88% بعد أن انخفض إلى ما دون الصفر في الشهر السابق.

وأطلقت إعلانات اللقاح حالة من الحماس في وول ستريت لشراء الأسهم التي تكبدت خسائر من الجائحة، بما في ذلك الأسهم الصغيرة والقطاعات الدورية مثل الطاقة. وعلى الرغم من الارتفاع الكبير المسجل في نوفمبر، ما زال قطاع الطاقة منخفضًا بنسبة 40% تقريبًا خلال 2020. وفقدت شركة إكسون موبيل، أكبر شركة نفط أمريكية، ما يقرب من نصف قيمتها في 2020.

وتسبب الوباء في انهيار غير مسبوق للطلب على الطاقة؛ حيث مكث ملايين الأمريكيين في منازلهم، وتراجعت أرباح شركات الطاقة، وتزايدت تخفيضات الوظائف، وانهارت أسعار الأسهم.

غير أنَّ الأمل تجدد مع إعلان التوصل للقاحات عالية الفعالية؛ إذ من المتوقع نمو الحركة على الأسهم بمجرد توزيع هذه اللقاحات. ولا شك أنَّ ارتفاع أعداد المسافرين شرط أساسي للتعافي الكامل في صناعة الطاقة.

لكن ينابيع الأمل تجاه القطاع لم تتفجر فقط بفضل اللقاحات وإعادة فتح الاقتصاد، بل إن المستثمرين تنفسوا الصعداء مع فشل الديمقراطيين في اكتساح انتخابات الكونجرس، رغم أنَّ ذلك كان أمرا واردا قبل بضعة أشهر فقط. وعبّر قطاع الطاقة عن مخاوفه من أنَّ "الموجة الزرقاء" (أي اكتساح الحزب الديمقراطي للانتخابات) تمثل كارثة على صناعة النفط، إذ تعهد الديمقراطيون بتكثيف اللوائح لمكافحة أزمة المناخ والحد من الاحتباس الحراري.

ففي حالة نجاح الديمقراطيين في تحقيق سيطرة حاسمة على مجلس الشيوخ الأمريكي، لسنوا تشريعاً مناخياً شاملاً. وواجهت شركة بيج أويل أكبر تهديد عندما جرى التلويح بتجريدها من الإعفاءات الضريبية من صناعة الوقود الأحفوري. وحتى لو اكتسح الديمقراطيون سباق الإعادة في جورجيا والمقرر الشهر المقبل، فإن السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي لن تحقق لأي حزب، لكن سيحصل كل منهما على نسبة 50/50.

لكن هذا لا يعني أن صناعة النفط بعيدة تمامًا عن مرمى نيران الإدارة الأمريكية الجديدة؛ إذ يمكن للرئيس المنتخب جو بايدن (المنتمي للحزب الديمقراطي) إصدار أوامر تنفيذية تهدد شركات النفط وتفاقم مُشكلاتها. فخلال حملته الانتخابية، عارض بايدن صراحة فرض حظر على مستوى البلاد على التكسير الهيدروليكي، وهي تقنية مثيرة للجدل للتنقيب عن النفط والغاز يطالب المدافعون عن المناخ بإيقافها، في حين أن كامالا هاريس نائبة الرئيس المنتخب، أعربت عن تفضيلها حظر هذه التقنية.

إلا أنَّ بايدن اقترح خطوة أكثر اعتدالًا؛ تتمثل في حظر تصاريح النفط والغاز الجديدة في الأراضي العامة والممرات المائية. غير أنَّ الرئيس المنتخب يأمل تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول موعد لا يتجاوز عام 2050، وهو هدف سيتطلب خفضاً كبيرًا في عمليات التكسير الهيدروليكي، المنتجة للنفط الصخري.

وتعاونت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وروسيا (تحالف أوبك بلس) لفرض تخفيضات غير مسبوقة في إنتاج النفط، أسهمت في إنعاش سوق الخام الأسود. لكن التحالف كان هشا، ويبدو أن أوبك تُكافح الآن لتحديد موعد بدء ضخ المزيد من الخام. ولم يتمكن التحالف من التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، مما أخر صدور القرار المرتقب اليوم أو غدًا.

وترى "سي إن إن" أنه في حالة انهيار تخفيضات أوبك، من المُحتمل أن يتسبب ذلك في تجدد الضغط على أسعار ومخزونات النفط الخام.

تعليق عبر الفيس بوك