"رواق عالية الفارسية".. إضافة قيمة للحركة الفنية العمانية

...
...
...
...
...

مسقط- الرؤية

على الرغم من موقعه الإشكالي بنظر الكثيرين، يأتي رواق الفنانة عالية الفارسية وسط مجموعة من المشاريع الصناعية في منطقة الرسيل، ليكون منبعاً للفن والشغف والحب أيضاً.

الفارسية كانت ولا تزال نموذجاً للفنان الخارج عن المألوف الذي يقتحم عوالم جديدة كل يوم ليثبت أنَّ الفن عصي على الحدود أو التأطير، هو عالم خارج العالم الذي نعيشه كل يوم على الرغم من تشابكه معه في كافة التفاصيل الحياتية، واليوم ومع ظهور رواق عالية إلى حيِّز الوجود في المنطقة الصناعية في الرسيل، تخطو الفارسية خطوة جديدة في مسيرتها المتألقة نحو النجومية العالمية.

أكثر من 120 عملاً فنياً بين الرسم والنحت مختلفة الأحجام والأشكال تتوزع في أركان الصالة الرئيسية للرواق تعكس وجوهها المتأملة القوة والسلام والطمأنينة الذي استوحته الفارسية من عمق تأثرها بالفلسفة الصوفية. تُحيط بهذه الأعمال مكتبة الرواق، وركن الهدايا المستوحاة من أعمال عالية، وركن القهوة الذي يضيف للمكان رائحة لطالما كانت الوجه الآخر للفن. 

رواق عالية ليس حالة شخصية للفنان بقدر ما هو خطوة جديدة في مسيرة الشغف والرغبة العارمة في نقل الفن العُماني المُرهف والمتجدد إلى فضاءات أوسع محلياً وعالمياً.

الفارسية تميزت بقدرتها الملفتة على قراءة الجمال واستشعاره وسط المتناقضات، وتأتي خطوتها لتأسيس "رواق عالية" في مدينة الرسيل الصناعية لتعكس هذه الفلسفة وليكون الفن والجمال مقابل الإسمنت والآلات، رسالة تحمل الكثير من الإلهام لمحبي ومتذوقي الفنون، فمن رحم ضجيج وصخب المصانع يأتي الجمال نقياً عذباً تصوغه بألوان الحياة النابضة في عُمان، ومن جذورها الأصيلة تستلهم حكايات أعمالها الفنية لتسافر بها حول العالم.

ويشكل رواق عالية قيمة مضافة للحركة التشكيلية الفنية العُمانية، ففي الوقت الذي تروي فيه الأعمال المعروضة التجربة الشخصية لعالية الفارسية، تستطيع أن تتلمس بوضوح ذلك الخيط الرفيع الذي يمتد عميقاً في جذور التاريخ والجغرافية العُمانية ليقدم صورة مشرقة عن الحركة التشكيلية العمانية والحركة الفنية النسوية على وجه خاص.

وإلى جانب المنحوتات المُزينة بالرؤية الفنية للفارسية، تجد في الرواق قطع الأثاث التي ترتدي ثوباً فنياً من إبداعاتها لتتحول فيه الدراجة النارية إلى تحفة فنية خارجة عن المألوف. 

ولا تكمن أهمية الرواق في فكرته المميزة وحسب، وإنما في كونه أصبح قبلة لمحبي الفن وعلامة مُضيئة تنقل الفنون البصرية العمانية من النطاق المحلي إلى العالمي، لتبرز الهوية الفنية العمانية الغنية إلى العالم، وهو ما دأبت عليه الفنانة من خلال معارضها التي أقامتها في عدد كبير من الدول مثل باريس وطوكيو وسيؤل وجنيف ودبي وغيرها الكثير. ومن خلال شراكاتها اللافتة مع روائيين غير نمطيين مثل واسيني الأعرج وأحلام مستغانمي في أعمال مشتركة رفعت اسم عُمان عاليًا.

الرواق الذي حلمت به عالية قبل سنوات طويلة، أصبح اليوم واقعاً يساهم في ترسيخ مسيرتها الفنية والنهوض بالحركة التشكيلية في سلطنة عُمان ونقل فنونها البصرية من النطاق المحلي إلى الفضاء العالمي الأوسع.

نساء حالمات قويات وألوان حافلة بالمعاني يرويها رواق عالية الفارسية كتجربة رائدة ستُساهم بالتأكيد في النهوض بالحركة التشكيلية العمانية وستنقل المستوى الهام الذي وصلته تلك الفنون اليوم، إلى جانب كونه مساحة رحبة للفنانين الشباب للنهوض بتجربتهم والاحتكاك بعالم من الفن المتمرد يحمل توقيع عالية الفارسية.

تعليق عبر الفيس بوك