الدراما تناديكم

 

جيهان رافع

لن تختلف وجهات النَّظر حول التلفاز أو الدراما أو الإبداعات المرئية مثل (السينما والتلفاز) فهي الأسلوب التقني لتحقيق أهداف جمالية بعدّة وجوه وأساليب فنية لإيصال فكرة ما ربما تعبّر عن تاريخ أمّة أو سياسة مُعينة أو عادات اجتماعية أردنا لها البقاء والاستمرار أو أردنا الانعتاق منها.

 تتقرب هذه الوجوه من كل شخص بشكل أوسع وأقدر على الانتشار والتغلغل داخل الفكر عبر المرئي -وخاصة التلفاز- أكثر من أي شيء آخر، ولكن تنتمي هذه الأساليب التقنية لهوية مقدميها والمسؤولين عن تقديمها للمجتمع فإما أن تأخذ طابع النمطية والتكلّف والإهمال فتصبح هشّة قليلة التطور ومنبوذة لدى الأغلبية فبدلاً من أن تقدم ما يشجع الفرد على متابعتها ويرفه عن روتين حياته ووظيفته ستكون هي مصدراً لإزعاجه وتكرار الصور المُسيئة لجماليتها أمام الفرد والأجيال القادمة، وإما أن تقدم ما هو منصف بين التاريخي والفكاهي والاجتماعي وحينها ستقابَل بالإقبال والإنتاج المادي الذي بدوره سيرفد الدولة والأفراد وسيمنح الكثيرين فرص العمل، ويمكنهم من إثبات الذات واكتشاف الإبداعات الشابة ذات الطاقة المرتفعة المكثفة باتجاه ما هو جميل ومستساغ عند الجميع ولن يفصل هذه الطاقات ذات التجارب الضخمة التي تقدم عن سابق خبرة وتطوير وإبداع.

إن تحقيق السياق الأيديولوجي والتاريخي عبر آليات صناعة وإنتاج الدراما والسينما بداية من الفكرة حتى تفريغ سياقها على الورق إلى طرحها على المختصين بجمالية التقديم والمسؤولين عن التنوع والسخاء في الإنتاج إلى حين مشاهدتها وعرضها على التلفاز الذي سيمنحها شهرتها وطبيعة استقبالها ذلك يتطلب آلية مُتكافلة متكافئة الأفكار والأهداف تُسهم في خلق المتعة والإقبال لدى المشاهد، وذلك لن يتم دون منهجية ناضجة للتدريب والبحث والتجريب وإعداد الشخصية التلفزيونية والدراميّة التي تتحرك بموجب الدور الموكل لها ذلك يستوجب إقامة معاهد مُتخصصة كالمعهد العالي للفنون المسرحية ومعاهد إعداد المُمثل والفنان كما إنَّ الساحة الفنية تشهد أزمة حقيقية على كافة الجهات تنتظر شمس الاهتمام تسطع عليها كي تخضر من جديد فنحن نتلهف لإعادة النور للشاشة والمسرح والمرئي بشكل عام.

إذا أردنا أن تحيا للأبد المراجع التاريخية والاجتماعية يجب أن نجعلها تكمن في تلك القصص التي ننتظر مشاهدتها وترسخ بذاكرة أطفالنا أكثر بكثير من الكتب مع شدّة الحاجة لإعادة هيكلة نمط القراءة ومساعدة الأجيال على حبها لكن وفي علم النفس أيضًا نعلم أنَّه عندما نستغل حواسنا كلها مع بعضها تنمو وتصبح الأشياء والذكريات أسهل للحفظ فهي تلقائيًا تتعزز كصور وأحاديث داخل عقولنا أكثر من حفظها ككلمات فقط وخاصة عندما تكون بشكل قريب من القلب ومحبب لدى الأغلبية بذلك ننجح في ترسيخ التاريخ وتعزيز بناء الإنسان من خلال ما يحب وسد الفراغ الذي تُعاني منه رفوف مكتباتنا ورفوف ذكرياتنا الناضجة والجميلة والفراغ الذي كاد أن يودي بتقبلنا للحياة الحالية في جميع صعوباتها فنحن الآن مسؤولون عن تقديمها على الشاشة بشكل أفضل وبحللٍ وردية مُستساغة بعيدة عن النمطية والتكلف.