انتصار ديمقراطي

بايدن الرئيس الـ46 لأمريكا.. ولا أمل لترامب لـ"الالتفاف" حول النتائج الحاسمة

ترجمة - رنا عبدالحكيم

مع إعلان فوز الرئيس المنتخب جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، باتت فرص الرئيس الحالي دونالد ترامب شبه مُنعدمة للظفر بولاية ثانية، مع استمرار مساعيه القضائية للتشكيك في النتائج، فيما وصفته وسائل إعلام أمريكية بأنه مسعى من ترامب لـ"الالتفاف" حول النتائج التي حسمها بايدن، أمس، بعد حصد 290 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي.

ووقف ترامب مرتين في البيت الأبيض ليعلن فوزه زُورًا، وزعم أن بطاقات الاقتراع التي تمَّ الإدلاء بها لصالحه قانونية، في حين أن الأصوات المدلى بها ضده غير قانونية. ثم يوم الجمعة مع تقلص تقدمه على بايدن، غرد على "تويتر" بأنه يريد من نواب ولاية بنسلفانيا الجمهوريين والمحكمة العليا الأمريكية مساعدته. ومع أنَّ الهيئات التشريعية والمحاكم لها دور في الانتخابات، وحتى تحديد النتائج أيضا، إلا أنَّه قد لا يكون هناك الكثير ليفعله البرلمانيون في الولايات والكونجرس والمحكمة العليا لمساعدة ترامب.

ورصدتْ صحيفة "واشنطن بوست"، الأسباب التي تجعل من إمكانية انتصار ترمب قضائيا أمرا غير وارد.

أولا: دور الهيئات التشريعية للولايات في تحديد الفائز. فعادة، تكون الهيئات التشريعية للكونجرس والولاية في بعيدة بدرجة ما عن الانتخابات؛ إذ يحدد الكونجرس موعد الانتخابات، فيما تحدد الهيئات التشريعية في الولايات فيما بينها أفضل طريقة لعقدها.

وتقرِّر المجالس التشريعية المحلية في الولايات كيفية اختيار الناخبين في المجمع الانتخابي، و​​لأكثر من قرن، كان هذا يعني أن كل ولاية قد خصصت ناخبين بناءً على المرشح الرئاسي الذي فاز بالتصويت الشعبي في تلك الولاية.

لكن متى تصبح هذه إشكالية؟ هناك عدد من الولايات المتأرجحة التي توصف الأصوات فيها بـ"الحاسمة" بالنسبة للانتخابات، ولديها سيطرة منفصلة على الحكومة. ويوجد حكام ديمقراطيون في ميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا، لكن المجالس التشريعية التي يسيطر عليها هناك ذات أغبية جمهورية، مما قد يؤدي إلى معارك حزبية حول كيفية تخصيص الناخبين إذا لم يكن واضحًا من فاز.

فاستمرار عملية فرز الأصوات لفترة طويلة في ولاية بنسلفانيا على وجه الخصوص، جعلت الديمقراطيين على حافة الهاوية؛ حيث يخشى البعض من أن المشرعين الجمهوريين قد يستغلون الفوضى التي أعقبت الانتخابات لمنح ترامب الفوز، خاصة بعد أن نُقل عن هؤلاء المشرعين الجمهوريين في مقال على موقع "أتلانتيك" أنهم ناقشوا هذا الاحتمال مع حملة ترامب. وكتب كبار الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب بالولاية مقال رأي في أكتوبر يقول إن الهيئة التشريعية ليس لها دور في اختيار الناخبين. ولقد كرروا هذا الموقف هذا الأسبوع، لكن مع التنبيه بأنهم "في ظل الظروف العادية" لن يمارسوا أي دور. وفسر البعض ذلك على أنه ترك الباب مفتوحًا للهيئة التشريعية للتدخل.

وحيث إنه قد يتعارض اختيار الناخبين مع القانون، يُمكن للولايات تغيير طريقة اختيار الناخبين دستوريًا، لكن يتعيَّن عليهم تغيير القواعد قبل يوم الانتخابات، وليس بعده.

وهذا وفقًا لخبراء القانون والدستور والديمقراطية من نطاق أيديولوجي واسع في فريق العمل الوطني عبر الأزمات الانتخابية. فهم يجادلون بأنَّ القيام بذلك ينتهك القانون الفيدرالي الذي يتطلب من جميع الولايات تعيين ناخبيها بناءً على ما يحدث في يوم الانتخابات.

لكن أين يمكن أن تتعثَّر الأمور؟ وماذا لو قرر المشرعون في الولاية -بعد تعرضهم لضغوط من ترامب- أن يستخدموا سلطة اختيار الناخبين بعد يوم الانتخابات بناءً على نتائج مختلفة للانتخابات؟

من شبه المؤكد أنَّ مثل هذه الخطوة سيتم الطعن فيها في المحاكم، لكن ماذا لو وافقت المحاكم؟ توضح صحيفة واشنطن بوست أن قضاة المحكمة العليا المحافظين على وجه الخصوص كانوا يميلون في قضايا حقوق التصويت إلى الانحياز إلى المجالس التشريعية الجمهورية.

لكن: ماذا عن دور الكونجرس؟.. وظيفة الكونجرس ليست سوى التصديق على نتائج الولايات، ويجتمع مجلسا الكونجرس (الشيوخ والنواب) الجديد في جلسة مشتركة ويحصيان أصوات الولايات في يناير، قبل أسابيع قليلة من يوم التنصيب في 20 يناير. وهذا عادة إجراء شكلي.

لكن: متى تصبح هذه مشكلة؟.. تصبح مشكلة إذا تمكن ترامب من الفوز في ولاية بنسلفانيا وأريزونا ونيفادا، فقد ينتهي الأمر بالتعادل الانتخابي 269-269. ثم يقرر الكونجرس الفائز بعد ذلك. وبموجب التعديل الثاني عشر للدستور، يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس ويختار مجلس النواب الرئيس. وسيفعلون ذلك عبر التصويت، لكنهم لا يصوتون بالطريقة التقليدية؛ حيث يكون لكل مشرع صوت. ولكسر التعادل، تحصل كل ولاية على صوت واحد فقط. وعلى الرغم من حصول الديمقراطيين على أغلبية الأصوات الفردية، فإن الجمهوريين يشكلون حاليًا غالبية ممثلي الكونجرس في معظم الولايات. وهذا يعني أن الجمهوريين لديهم المزيد من الأصوات، ومن المرجح أن يفوز ترامب بالتعادل.

عند أي نقطة يُصبح هذا أكثر فوضوية؟.. يوضح هذا كله قانون مكتوب بشكل مربك للغاية يسمى "قانون العد الانتخابي" صدر إثر انتخابات رئاسية فوضوية أقيمت عام 1876. وقالت ماري ماكورد مسؤولة كبيرة سابقة في وزارة العدل وأستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون: "إنه أمر غامض". وهذا يعني أن هناك الكثير من النقاط المفتوحة للتفسير، وتتصارع حول ما يجب القيام به.

أما المحكمة العليا، فليس لديها من الناحية الفنية آلية دستورية واضحة لتحديد الفائز، كما يفعل الكونجرس، لكن يمكن للمحكمة أن تحكم في القضايا الفردية التي يمكن أن تقرر الفائز، كما فعلت مع فلوريدا في عام 2000.

ومن المرجح أن تدور أي معارك قانونية في العام 2020 حول ما إذا كان ينبغي عد بطاقات الاقتراع التي تصل متأخرة عبر البريد، أو ما إذا كان لدى الناخبين الوقت الكافي لتصحيح بطاقات الاقتراع التي تم ملؤها بشكل غير صحيح، أو ما إذا كان ينبغي حتى الحصول على فرصة لتصحيحها.

كلُّ هذه قضايا دقيقة نسبيًّا، لكن إذا تراجعت الأمور إلى حالة واحدة، فقد تكون ذات أهمية كبيرة.

وقدمت حملة ترامب طعونًا قانونية بالفعل، وتحلت المحاكم الأدنى درجة بالحذر في اتخاذ أي قرار لصالحه؛ حيث رفض قضاة في ولايتين على الأقل دعاوى من حملة ترامب لأنها لم تقدم أدلة على التزوير. وستستمع المحكمة العليا فقط إلى القضية التي تمر أولاً عبر المحاكم الابتدائية.

تعليق عبر الفيس بوك