كيف يتابع المواطن الأزمة؟

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

Humaid.fadhil@yahoo.com

 

سنتوقف اليوم للاقتراب من الوضع الذي يعيشه المُواطن في ظل الأخبار والتحليلات التي يسمعها في كل صباح ومساء، فمنذ تأثر السلطنة بجائحة كورونا وما سببته من آثار مؤلمة على الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي، لم يعد للمواطن وخصوصًا أصحاب الدخل المتوسط والضعيف إلا انتظار فرج الله لهذه الأزمة الخانقة، ومن ثمَّ وضع الأمل في الإجراءات التي تسعى لها الحكومة للتخفيف من تأثير هذه الأزمة على حياة المُجتمع، ولكن وفي ظل غياب الشفافية مع كثير من تلك الإجراءات المالية، فقد فتح المجال أمام الجميع لبث رأيه وتحليله للوضع الاقتصادي والمالي للبلد في قادم الوقت ولو لم يكن بعضهم من ذوي الاختصاص، ولذلك لا غرابة أن تسمع في اليوم الواحد عشرات التحليلات المالية والاقتصادية، التي أوجدت في هاجس كل فرد القلق والاضطراب النفسي مما يسمعه ويشاهده من أخبار تقترب من المساس بوضعه المعيشي.

ولذلك ولما تُمليه علينا أمانة القلم وكذلك لما نسمعه من هواجس أبناء هذا المجتمع حول بعض القضايا، فإننا ندعو المُختصين من أصحاب القرار الذين أوكل إليهم قائد الوطن -حفظه الله- ، وكذلك أفراد المجتمع من ثقة نحو وضع الحلول والمقترحات والإجراءات التي سوف تسير بالوطن العزيز إلى بر الأمان بإذن الله، مع التأكيد على أنَّ الجميع يُقدِّر الوضع الذي يمر به العالم والسلطنة من انكماش اقتصادي وهبوط لأسعار النفط، إلا أننا لا ننسى أنَّ المُواطن العُماني وعبر التاريخ يشهد له الجميع، أنه من أخلص الشعوب العالمية نحو مجتمعه ووطنه وولي أمره، ولنا في الفترة المنصرمة خير مثال على هذا الشعور الوطني، من خلال تأقلمه مع الوضع في ظل توقف الترقيات والدرجات المالية نظرًا للظروف المالية والاقتصادية التي مرَّت بها البلاد خلال السنوات الماضية، والحقيقة المرة الأخرى أن ما وصلت إليه البلاد اليوم من أزمة مالية، لا يتحملها المواطن البسيط والضعيف، فكلنا يعلم ما كان ليحدث ذلك لو لا التخبط من بعض المؤسسات والمسؤولين وتقديم المصلحة الخاصة على مصلحة الوطن، وسيطرة المحسوبية والواسطة على أهل الخبرات والكفاءات، هو أحد الأسباب التي أثرت على تنمية وتقدم وتطور الوطن، وهو ما نُعاني منه جميعاً في الوقت الراهن.

ولأننا نحب هذا الوطن لدينا رسالة لها ارتباط بأهمية النظر للموضوع من ناحية اجتماعية، كما يتم مُعالجة الوضع اليوم من ناحية اقتصادية ومالية، ولعل أبرز ما يتمناه الشارع هذه الأيام هو توقف الأخبار والتحليلات المحبطة، وأن تبث الأخبار المُطمئنة وخصوصاً أننا نعيش الأيام النوفمبرية المجيدة لعصر النهضة المباركة، كما أنَّ المواطن يتمنى من المكلّفين بوضع خطة التوازن المالي المقترحة، أن تكون هذه الخطة بعيدة عن كل ما له علاقة بالوضع المعيشي للفرد، كالرواتب والدعم الحكومي الذي يلاقيه قطاع الكهرباء والماء والغذاء، خوفاً من حدوث تبعات تمس الحياة الاجتماعية، فالكل يعلم أن غالبية المُجتمع تعتمد بعد توفيق الله على الراتب الوظيفي، وقليل منهم من سنحت لهم الظروف بوجود دخل ثانٍ، نتيجة ضعف السيولة المالية وعدم وجود بيئة خصبة تشجع الفرد على المُغامرة في ممارسة التجارة.

وخلاصة الموضوع أنَّه كما تسعى الدولة لإيجاد توازن مالي لمُعالجة الوضع الاقتصادي، كذلك يجب على المختصين عدم ترك المجال لحدوث تدهور للوضع المعيشي والاجتماعي، نتيجة فرض بعض الإجراءات التي لا تتحملها ظروف كثير من الأسر العمانية، حيث لا يخفى على الجميع ما هي عواقب تلك الأوضاع على مستوى الفرد والمجتمع، ومن يتابع أحوال الناس اليوم سيجد من الأمثلة التي تُؤكد ماسبق الإشارة إليه، مع التأكيد على أنّ المجتمع لن يتوانى في التعاون مع مؤسسات الدولة وفق إمكاناته المتاحة، سائلين الله لهذا الوطن الغالي الوحدة والتقدم والازدهار.