هيئة تنظيم الاتصالات.. هل من كلمة؟

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

بعد أن أحجمت شركات الاتصالات العاملة في السلطنة عن سماع نداءات المواطنين عن خدماتها المقدمة إليهم، وعدم الالتفات للمقالات الصحفية التي تبرز بعض الجوانب المجحفة في الخدمات المقدمة محليًّا، لا سيما المكالمات المحلية، وعبر وسائل التواصل، أوجِّه ندائي مباشرة إلى هيئة تنظيم الاتصالات التي تتذرع شركات الاتصالات أحياناً بأنَّ الهيئة هي المسؤولة عن تنظيم هذه الأمور وتوجِّه اللوم إليها، في الوقت الذي تعلن فيه الهيئة أنها لا تتدخل في تحديد الأسعار والتعرفة، وأن هذا الأمر يخص شركات الاتصالات نفسها في تحديد التعرفة والتنافس فيما بينها في ذلك.

وفي هذا المقال، أبدأ بالشركة العمانية القطرية "أوريدو" التي وضعت المكالمات المحلية ضمن قائمة العروض المضافة، وليست الأساسية والتي عُرفت بأنها مكالمات محلية لا محدودة وبقيمة 3 ريالات لمدة أسبوع، فإذا ما ضربناها في أربعة أسابيع، سيكون الاشتراك الشهري بقيمة 12 ريالا، وهذا العرض خاص للمكالمات المحلية دون الحصول على بيانات إنترنت.

ثم تأتي العروض الشهرية للمكالمات المحلية والتي حددت 40 دقيقة بقيمة ريال واحد صالحة لمدة 30 يوماً، في المقابل توفر الشركة مكالمات دولية لكل من الهند وباكستان وبنجلاديش بواقع 100 دقيقة بقيمة ريال واحد صالحة لمدة 30 يوماً، وبحساب قيمة الدقيقة الواحدة فإنَّ الدقيقة للمكالمات المحلية 25 بيسة للدقيقة، و10 بيسات للهند وباكستان وبنجلاديش.

كما توفر الشركة مكالمات محلية بواقع 200 دقيقة بقيمة ثلاثة ريالات صالحة لمدة 30 يوماً، في المقابل توفر الشركة مكالمات دولية للهند بواقع 500 دقيقة بقيمة ثلاثة ريالات صالحة لمدة 30 يوماً، و400 دقيقة لبنجلاديش بنفس السعر وهو ثلاثة ريالات صالحة لمدة 30 يوماً، وبحساب قيمة الدقيقة الواحدة فإن الدقيقة للمكالمات المحلية 15 بيسة للدقيقة، و6 بيسات للهند و7.5 بيسات لبنجلاديش.

وهذا غريب جداً أنَّ تعرفة المكالمات الدولية أقل بأضعاف تعرفة المكالمات المحلية داخل السلطنة.

هناك مُفارقات عديدة وعروض قيِّمة لهذه الدول بقيمة خمسة ريالات، حيث تقدم الشركة مكالمات دولية بواقع 1200 دقيقة للهند، و1000 دقيقة لبنجلاديش، وبحساب قيمة الدقيقة الواحدة فإن الدقيقة للمكالمات الدولية للهند 4.1 بيسات ولبنجلاديش 5 بيسات للدقيقة الواحدة، في حين لا يوجد عرض للمكالمات المحلية بقيمة 5 ريالات، وبقياس سعر الدقيقة بأقل سعر وهو 15 بيسة للدقيقة على سعر 3 ريالات فإن السعر سيكون 15 في 1200 دقيقة فيكون الإجمالي 18 ريالا في 30 يوم. كما أن هناك عروضا أخرى للعديد من الدول الآسيوية والخليجية تفوق أسعارها أسعار تعرفة المكالمات المحلية.

فما هو الضابط الذي تضعه هيئة تنظيم الاتصالات لهذه الشركات، والذي يعطيها الضوء لبخس المكالمات المحلية التي يفترض أن تكون في الأصل مكالمات مجانية كما هي الحال في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، أو بأسعار منخفضة جداً.

وفي مقال سابق موجه إلى الشركة العمانية للاتصالات "عمانتل"، بعنوان "عمانتل رأفة بهم"، نُشر بتاريخ 1 يوليو 2020، ذكرتُ أنَّ من بين مُشتركي حياك ذلك المزارع البسيط الذي يصحو باكراً ليذهب إلى حقله ليحرث الأرض ويروي الزرع. أو صاحب بقالة في السوق، أو الدلال الذي يُنادي على البضائع التي تجلب إلى السوق مُقابل أجر بسيط، أو صاحب البسطة الذي يفترش الأرض والرصيف لبيع الفجل والليمون والرطب وبعض الخضراوات تحت لهيب الشمس، أو العامل بأجر يومي بسيط.

فهذه الشريحة من المُواطنين يحملون هواتف بسيطة الإمكانيات، تحمل شريحة حياك من أجل الاتصال الهاتفي بالموردين والمزارعين، ويتلقون اتصالات من أهاليهم للاطمئنان عليهم.

وهؤلاء النَّاس ليسوا بحاجة إلى باقات إنترنت فائقة السرعة، فبعضهم لا يعرف ما هي الإنترنت، ولا يعرف باقتي الزرقاء ولا البرونزية ولا الفضية ولا الذهبية ولا البلاتينية ولا الأفق.

وقد بيَّنت في ذلك المقال أنَّ تعرفة المكالمات المحلية تراوح بين 39 بيسة للدقيقة الواحدة لأصحاب شريحة آجلة الدفع، و55 بيسة للدقيقة الواحدة لأصحاب شريحة مسبقة الدفع، والفئات التي ذكرتها لديها شرائح مسبقة الدفع والتي ستدفع 55 بيسة للدقيقة الواحدة.

وبحساب الزمن في تعرفة المكالمات للهند بواقع 1200 دقيقة لكل 5 ريالات في أوريدو، فإن 1200 دقيقة بحساب تعرفة الدقيقة في عمانتل تكلف المواطن 66 ريالا.

وبهذه الأرقام، ألا يتطلب الأمر وقفة جادة من قبل هيئة تنظيم الاتصالات لكبح جماح هذه الشركات التي تجبر المواطن على الاشتراك في الباقات الشهرية آجلة الدفع؟!!