أمير الإنسانية صباح الأحمد.. 14 عاما من قيادة الكويت نحو مرافئ التَّقدم

...
...
...
...
...
...
...

الرؤية- مريم البادية

في التاسع والعشرين من شهر يناير لعام 2006، كانت الكويت على موعد مع بزوغ ميلاد جديد بتولي المغفور له بإذن الله تعالى الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح- طيب الله ثراه- مقاليد الحُكم باعتباره الأمير الخامس عشر لها، وذلك بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح، وشهدت الكويت في عهده نهضة تنموية شاملة، استطاع فيها إعادة رسم الخارطة الكويتية وتوجيه بوصلتها نحو الإنجازات المُتوالية خلال 14 عاماً. واليوم.... يُودِّع العالم "أمير الإنسانية" الذي وافته المنية عن عُمر ناهز 91 عاماً؛ حيث أعلن الديوان الأميري في دولة الكويت الشقيقة وفاة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، بعدما وافته المنية اليوم.

المولد والنشأة

الأمير صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح هو الابن الرابع للحاكم العاشر للكويت المغفور له بإذن الله الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح، والدته السيدة مُنيرة العيار رحمها الله، وهو الأخ غير الشقيق لـ الأمير الثالث عشر لدولة الكويت المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.

ولد الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح في 16 يونيو 1929، وتزوج من الشيخة فتوح السلمان الحمود الصباح رحمها الله، ولهما ثلاثة أبناء، وبنت واحدة، وهم الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح وزير الديوان الأميري، والشيخ حمد صباح الأحمد الصباح وهو رجل أعمال، والشيخ أحمد صباح الأحمد الصباح رحمه الله، وتوفي في سن مُبكرة، والشيخة سلوى صباح الأحمد الصباح رحمها الله والتي تُوفيت عام 2002.

وتلقى الأمير رحمه الله تعليمه في مدرسة المباركية بالكويت، وتوسَّم فيه والده الفطنة والذكاء منذ صغر سنه، ثم استكمل دراسته في إحدى الدول الأجنبية.

الوظائف والمسؤوليات

وحفلت مسيرة الأمير الراحل بالعديد من المسؤوليات وكانت البداية مع والده عندما رافقه في مهمات قيادية، وعين في 19 يوليو عام 1954 عضوا في اللجنة التنفيذية العُليا التي عهد إليها بمهمة تنظيم مصالح ودوائر الحكومة الرئيسية ووضع خُطط عملها ومتابعة تنفيذ تلك الخطط، وهو لم يتجاوز وقتها 25 عاماً.

وفي عام 1955 تولى منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبعد استقلال دولة الكويت عام 1961 عُين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عضوًا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة وضع دستور البلاد، ثم عُين في أول تشكيل وزاري عام 1962 وزيراً للإرشاد والأنباء، والتي أصبحت فيما بعد وزارة الإعلام، ليكون أول وزير لها في تاريخ الكويت.

وفي 28 يناير 1963 عُين وزيرًا للخارجية، وقضى على رأسها  40 عامًا، ليتوج بلقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم.

وفي الفترة من 2 فبراير 1971 وحتى 3 فبراير 1975 عُين وزيرا للإعلام بالوكالة. وفي 16 فبراير 1978 عُين نائباً لرئيس مجلس الوزراء الكويتي، ثم في 4 مارس 1981 تسلَّم حقيبة الإعلام بالوكالة، إضافة إلى وزارة الخارجية حتى 9 فبراير 1982.

ويوم 3 مارس 1985 عُين نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية حتى 18 أكتوبر 1992.

وفي 14 فبراير 2001 أسندت إليه مُهمة تشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بسبب ظروفه الصحية.

في 13 يوليو 2003، صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئيساً لمجلس الوزراء.

وفي 29 يناير 2006 أدى اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة ليكون أميرًا للبلاد.

إنجازات داخلية

شهدت البلاد في عهده نهضة تنموية شاملة، فكان من أبرز أعماله بناء مدينة "صباح الأحمد البحرية" التي تُعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملة، ما يدل على تشجيعه على إعطاء دور أكبر للمُساهمة في تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد.

أيضاً من أبرز تلك المشاريع "مركز عبدالله السالم الثقافي" و"مدينة الكويت لرياضة المحركات" و"مدينة الجهراء الطبية" و"مبنى الركاب الجديد رقم 4" في مطار الكويت الدولي و"مستشفى جابر الأحمد"، بالإضافة إلى تصدير أول شحنة نفط خفيف. وفي الشأن الداخلي أيضًا أضيف لرصيده الوطني عدد من الإنجازات منها إعادة الخدمة العسكرية الوطنية "التجنيد الإلزامي" عام 2017، بعد توقف 16 عامًا، بهدف تعزيز المشاعر الوطنية، والسعي إلى حماية البلاد.

على المستوى الخارجي

تبوأت الكويت – بفضل سياساته الحكيمة ورؤيته السديدة القائمة على تولي زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني- مركزًا مرموقاً بين دول العالم خلال السنوات الماضية استحقت به أن يتم اختيارها من قبل الأمم المُتحدة في 9 سبتمبر 2014 "مركزا للعمل الإنساني" ومنحه لقب "قائد للعمل الإنساني"، خصوصاً بعد أن استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا لـ3 دورات مُتتالية على أرضها، مُعلنة تبرعها السخي بمئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين في دول الجوار لسوريا.

ولم تغفل الكويت اهتمامها بالقضية الفلسطينية خلال حكم الأمير صباح، فهي قضية العرب الأولى منذ بدايتها وحتى اليوم، فاستمر دعمها للفلسطينيين وازدادت وتيرته في عهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

وتماشياً مع دورها الدولي والإقليمي وخاصة الخليجي، احتضنت الكويت خلال عهد الأمير صباح، عدداً من القمم العربية والخليجية والدولية، كان أبرزها "القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية" الأولى في يناير 2009 التي شهدت أول مبادرة تنموية عربية طرحها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ممثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره 2 مليار دولار تساهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار.

كما شهد في فبراير 2018 افتتاح "مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق" عقب تحرير مدنه من براثن تنظيم داعش الإرهابي، ووصلت قيمة التعهدات الدولية إلى 30 مليار دولار.

أوسمة وتكريمات

حصل الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح – طيب الله ثراه – على عدد من الأوسمة خلال مسيرة حكمه الحافلة بالإنجازات، حيث استطاع سُّموه في الفترة التي حكم فيها أن يكسب صداقة واحترام دول العالم، ومن هذه الأوسمة "قلادة الملك عبد العزيز" من المملكة العربية السعودية و"قلادة الاستقلال" من دولة قطر في مارس 2006.و"وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الاستثنائية برتبة وشاح أكبر" من جمهورية لبنان في يناير 2009. و"وسام عُمان المدني من الدرجة الأولى" من السلطنة في ديسمبر 2009، و"وسام الاستحقاق الرئاسي" من إيطاليا 2010. و"وسام جيرج كاستريوت إسكندر بك" من ألبانيا 2012. ولقب "قائد للعمل الإنساني" من الأمم المتحدة في 2014، ووسام "آل سعيد" من السلطنة في 2017. وآخرها وسام "الاستحقاق الأمريكي" من الرئيس دونالد ترامب 2020.

تعليق عبر الفيس بوك