عَروس تُزف

إسحاق البلوشي

Isehaq26927m@gmail.com

استبشرتْ الرياضة استبشارًا عظيمًا، وانتشَتْ فخراً واعتزازاً بقُدوم سيدها اليزن، والفكر المُستنير الذي حلَّ بها؛ فذهبت أحزانُها وهمومُها بهذا المقدم؛ فهي تنعم برَغَد القيادة الشابة المحنكة على رأسِ الوزارة الموقرة من ناحية، وبالفكرِ الفذِّ على رأس الحلقات الأولمبية من ناحية أخرى.

وفي خضم هذا الاستبشار، اتَّجهت الأنظار خائفة مُترقبة، خلال الفترة القريبة الماضية إلى مبنى اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية التي بها مخاض الانتخابات، لكنها هذه المرة جاءت تحت الرقابة المشددة وتَشَابَه الهمُّ فيها، فجاء قرار الحسم بتأجيلها؛ فهي على موعدٍ بالولادة الجديدة للرياضةِ العمانية، وما يتطلع الشارع الرياضي إليه بشغف، لتواكب التميز المعرفي والتطور المتنامي الذي يعيشه المجتمع الرياضي العالمي؛ حيث لا مجال للأخطاء ولا تفوق إلا للعلم.

ولعلنا لاحظنا الفرح الكبير في أوساط المجتمع الرياضي لقرار تأجيل الانتخابات الذي يحمل في طياته عكسَ معناه ويسرع في المقابل من تقدمها المدروس الذي انتظره الجميع، وما يترتب عليه من تشكيل صورة المشهد الرياضي للفترة المقبلة؛ حيث لا تُبارح مكاتب الحلقات الأولمبية اجتماعاتها، ولا تبارح استعراض خططها وبناء إستراتيجياتها؛ فهي وبفكرها من اليقين بمكان أن التغيير والتطوير هو الثابت الأوحد لتحقيق الإنجاز والإقبال عليه.

وفي ظلِّ هذا، يقول بعضُهم كانت السنوات الماضية على الرياضة سنوات عجافٍ، أورثتها الحسرة وأحَلت بها فاقرة فأصبحت خاوية من معانيها، ولم يستقم شأنها ولو جِئنا بمثلهم مددا، فأجابتهم بأنها قد بلغت من لدنهم عُذرا، وأراد ربك أن يحدث بعد ذلك أمرا، وأنَّ الرياضة تخلصت من الماضي، وانقطعت منه كما ينقطع الأمس من الزمن، وحثَّت الخطى نحو العمل الجاد والتطوير الحاد، لحل مشكلاتها وتجديد ذاتها، وذلك من خلال جانبين مهمين؛ أولهما: وعي مجالس الإدارات المنتخبة وعياً كافياً لأدوارها المهنية، وتمرسها الدقيق للتعامل مع مجموعة القضايا الرياضية الشاملة والمعقدة في التركيب، لأنَّ العلوم دائمة التغيير والتجديد، ولا بقاء للجمود.

والأمرُ الثاني هو سعيُها نحو الإصلاح المؤسسي من خلال ترسيخ مبادئ وفلسفة تولد الأفكار التي تقود إلى نواحي التجديد والابتكار بالمؤسسات الرياضية، واتباع المنهج العلمي لها والتدرج في تطبيقها الذي يجب أن تسير بالتوازي في ثلاثة اتجاهات رئيسية؛ كما يلي:

أولا: إعادة هيكلة الاتحادات والأندية الرياضية؛ حيث إنها أساس عملية التغيير الإستراتيجي الهادف، لتحسين وتطوير الإمكانيات والقدرات والتحول الجذري السريع لفلسفة وأهداف هذه المؤسسات؛ من خلال اعتماد السياسات المقننة لعملية اتخاذ القرار وتوجيه الأداء المؤسساتي التوجيه العلمي الدقيق.

ثانيا: الوقوف على تكوين الجمعيات العمومية للاتحادات والأندية الرياضية؛ من خلال إعادة صياغة لائحة الانتخابات الموحدة للاتحادات الرياضية، ووضع اشتراطات المترشحين لمجالس الإدارات تحت المجهر الدقيق وتنقيتها، وتحديد العلاقة بين مهام أعضاء المجلس ومهام الإدارات التنفيذية.

ثالثا: تكثيف الدراسات والأبحاث العلمية حول السلوك التنظيمي ومحدداته داخل المؤسسات الرياضية، والعمل في إطار الهياكل التنظيمية المحددة ونظام تفويض الصلاحيات، واتباع الأسس العلمية في إدارة الموارد والأصول وترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة؛ من خلال تطبيق نظام قياس مؤشرات الأداء والإفصاح المؤسسي.

وفي الأخير، أجد أنَّ بهذه الثلاثة اكتمل مهر الرياضة، وبالرجال الذين تنثر أعطافهم الأخلاقَ العالية بدأ زفافها إلى مصاف المؤسسات الرياضية الرائدة، فتكسر أمامها كل صعب وتلألأ نورها في كل درب، لتتحقق بذلك أحلامُها وأهدافها، وتنالَ من الرضا أحسَنَه، ومن القبول أجمَلَه، ونراها تحتفل بزينتها وهي تنظرُ إليهم متوَّجةً بالذهب، متوشحةً ثوب الإنجاز بألوان عُمان الغالية.