الزعابية.. مثال مشرف للمرأة العمانية

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

Humaid.fadhil@yahoo.com

 

هناك كثيرٌ من الأرواح المُخلِصة من أبناء هذا الوطن لا يعلم عنها المجتمع، يعملون خلف الكواليس ليلاً ونهاراً بكل همَّة ونشاط وإخلاص وتفانٍ، وفي هذه العُجالة سوف أسلِّط الضوء على شخصية نسائية مجيدة ومثال مشرف للمرأة العمانية.

حديثُنا سيكون حول مسيرة الدكتورة عذاري بنت عبدالله الزعابية طبيبة بمستشفى جامعة السلطان قابوس، التي نشرتْ لها جريدة "الرؤية" قبل عدة أسابيع خبرَ حُصولها مؤخراً على عضوية لجنة التحكيم بعِدَّة جوائز عالمية في مجال أبحاث بروتينات جسم الإنسان كأول طبيبة عمانية وعربية يتمُّ اختيارها عضوًا في منظمة Hupo العالمية، إلى جانب نخبة عالية المستوى من علماء وباحثين من عدة دول عالمية، هذه المنظمة معنية بالتركيز على الأبحاث الإكلينيكية في مجال البروتين البشري، وتعمل من خلال أبحاثها على فهم التركيب الجزيئي لبروتينات جسم الإنسان؛ كون البروتين هو المحرك الأساسي لكل وظائف الجسم وتركيب الخلايا، ومن ثم ربط الأبحاث البروتينية بالجينات لتكوين رؤية شاملة لتركيب وظائف جسم الإنسان، وسيساعد علميا ذلك في فهم مسببات الأمراض وطريقة علاجها والوقاية منها. الجدير بالذكر أن الدكتورة عذاري الزعابية حاصلة على درجة الـMD من جامعة السلطان قابوس؛ حيث إنَّها من أوائل الدفعة التي حصلت على بعثة دكتوراة في مجال أبحاث السرطان (الثدي والقولون) في الولايات المتحدة والتي أنهتها بتفوق مع مرتبة الشرف.

وبعدما تحدَّثنا عن المسيرة العلمية المتميزة للدكتورة عذاري الزعابية ابنة ولاية صحم وما وصلت إليه من عضوية عالمية في المجال الطبي، دعونا الآن نتعرف على شخصية (أم زينب) الإنسانية والاجتماعية والتطوعية، وكما هو معلوم أنها طبيبة مجيدة في مجال عملها، كذلك هي أم لثلاثة أطفال وربة بيت من الطراز الأول، وعرف عنها برها لوالديها ولا نزكي على الله أحدًا، تنتهج أسلوبا متوازيا للتوفيق بين طبيعة العمل وواجبات المنزل كأم وزوجة، لذلك لها برنامج خاص مع عائلتها بالتعاون مع زوجها وأطفالها بهدف خلق حياة سعيدة، الزعابية شغوفة بالقراءة؛ لذلك كان لهذا الاهتمام حظ وفير لأطفالها؛ حيث تخصِّص أوقاتًا خاصة لهم للتعود على ثقافة القراءة، وحريصة على الذهاب للمكتبات مع أطفالها لاختيار الكتب التي يحبونها، كما أنها حريصة كذلك على تعليم الأطفال مبادئ الدين الإسلامي كتلاوة وحفظ القرآن، إضافة إلى تعليمهم اللغة الإنجليزية؛ ولذلك فلا غرابة أن يجيد أطفالها بعد توفيق الله لهم التحدث باللغة الإنجليزية وبطلاقة، كذلك تهتم الدكتورة عذاري الزعابية بالجوانب التطوعية لذلك دائما ما تجدها تقود حملات التبرع بالدم، والمشاركة في الحملات المتضامنة مع المصابين بالسرطان والمصابين بأمراض الدم المختلفة، وغيرها من الجوانب الإنسانية والاجتماعية والتطوعية في الحيز المجتمعي الذي تعيش فيه وكذلك في بيئة العمل التي تتواجد فيها، كما أنها دائما ما تقوم بتطوير وتنمية شخصيتها من الناحية العلمية والمعرفية.

أم زينب عرف عنها أنها تستخدم أسلوب التعزيز سواءً كان ذلك لطلابها ومرضاها والموظفين الذين من حولها، وبكل تأكيد مع أفراد عائلتها، كما أنها مثال للقدوة الحسنة في الإخلاص والتفاني بعملها ويشهد لها الجميع بذلك من الزملاء والزميلات، كما أنها تتسم بالهدوء والاتزان ومعالجة المواضيع بعقلانية وعدم التسرع في الأمور المعنية ببيئة العمل أو كان ذلك في الجوانب العائلية، لذلك فلا غرابة لمن تتسم بهذه الصفات والسمات أن تكون مثالا مشرفا للمرأة العمانية، وما وصولها لعضوية اللجنة العالمية إلا نتيجة هذه المثابرة والاجتهاد والسعي دائما مع غيرها من الأخوات العمانيات المجيدات نحو رفع اسم السلطنة يرفرف عاليا في مختلف المحافل العالمية، وما أكتبه عن هذه الشخصية المجيدة لربما موجود عند كثير من المجيدات بنات الوطن اللائي لم يحظَ المجتمع بالتعرف على إنجازاتهن.

وفي الختام.. نسأل الله الرحمة والمغفرة لوالد الدكتورة التي أشرفت على تقديم العلاج له في المنزل، كما أنها كانت مرافقة له أثناء تلقيه العلاج في المستشفى حتى فاضت روحه إلى بارئها، سائلين الله التوفيق والنجاح لكل أبناء الوطن المخلصين، الذين دائما ما نفخر ونفاخر بعطائهم وإنجازاتهم، متمنين لهذا الوطن العزيز دوام الخير والعزة والتقدم والازدهار.