متى تفتح المتاحف؟

 

 

ردينة بنت عامر الحجرية *

يُعتبر متحف الإسكندرية في القرن الرابع قبل الميلاد من أقدم المتاحف في العالم؛ حيث أسَّسه بطليموس الأول كجزء من مكتبة الإسكندرية ليكون مركزا ثقافيا للشعر والموسيقى والفلسفة، ثم تطور بعد ذلك ليرسل بعثات تغزو البحر الأبيض المتوسط لتجلب إلى خزائنه القطع الأثرية النادرة، أحيانا عن طريق النسخ وأحيانا أخرى عن طريق النهب والاستيلاء ليكون متحف الإسكندرية معبدا فكريا يجمع كل المؤشرات الثقافية للعالم آنذاك، ذلك هو متحف الإسكندرية القديم وقد اندثر ولم يبق منه سوى الشواهد والتاريخ، أما الحالي فاسمه متحف الإسكندرية القومي.

يسألني كثير من المتابعين "متى تفتح المتاحف في عُمان؟"، مُعبرين من خلال سؤالهم هذا عن مدى تشوقهم وانتظارهم لقرار إعادة فتح المتاحف، وغيرها من المؤسسات الثقافية، كباقي المؤسسات والأنشطة التجارية التي أعيد فتحها مؤخرا، وهم يخصُّون المتاحف على وجه التحديد نظرا لأهميتها كأحد روافد المكون الثقافي لكل مجتمع أو أمة أو شعب، ولكونها خيارا مهما لمن يرغب في قضاء وقت للسياحة والترفيه والتعليم، يعرف المتحف حسب المجلس الدولي للمتاحف الآيكوم بأنه "مؤسسة دائمة دون هدف مربح، في خدمة المجتمع وتطويره، مفتوحة للجمهور، تقتني وتحافظ وتدرس وتعرض وتنقل الشواهد المادية وغير المادية للشعوب وبيئاتهم، لأغراض دراسية تربوية استمتاعية". وتهتم المتاحف بجمع أشياء ذات قيمة علمية وفنية وذات أهمية تاريخية وجعلها متاحة للجمهور من خلال المعارض التي قد تكون دائمة أو مؤقتة.

فلإِنْ كان للمؤسسات الاقتصادية والتجارية أهميتها لاستمرار الحياة والحفاظ على دوران العجلة الاقتصادية التي من خلالها تباع السلع وتقدم الخدمات ويعمل الناس ليحصلوا على رواتب أو أرباح تلبي رغباتهم واحتياجاتهم من مأكل وملبس ومأوى وملهى، إلا أنَّ استمرار تدفق المعرفة والثقافة والفنون في روح وعقل الشعوب له أهمية كبيرة لا تقل عن غيرها، للحفاظ على المرتكزات المادية والمعنوية لهوية الشعب والإنسان وكيانه وكيان وطنه الذي توارثه عبر أجيال كثيرة أفنت أنفاسها من أجل الحفاظ عليه شامخا وممجدا، ولا تكمن هذه الأهمية في هذا المرتكز فحسب، وإنما أيضا تمثل أهمية خاصة لنا في عمان التي تمتلك متاحف تضم كنوز الماضي وإسهامات الحاضر.

وحيث إنه وبسبب ما ألمَّ البلاد وسائر دول العالم من أضرار بسبب فيروس كورونا أدت إلى إغلاق أغلب المؤسسات الثقافية وغير الثقافية لأكثر من ستة أشهر إلى الان، إلا أننا نبعث بدعواتنا إلى اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية مكافحة فيروس كورونا إلى إعادة النظر في فتح بعض المؤسسات الثقافية التي منها المتاحف للأسباب الوطنية والعلمية المهمة التي ذكرناها، ولاستغلال فرصة صعوبة السفر وتوجُّه المواطنين والمقيمين إلى السياحة الداخلية ليتم توجيههم إلى زيارة المتاحف فيستمتعون ويحظون بمعرفة عن تراث عمان وتاريخها وفنونها وأمجادها، جنبا إلى جنب مع ثقافة وتاريخ الشعوب الأخرى كإرث إنساني خالد.

 

* مديرة متحف المدرسة السعيدية للتعليم

تعليق عبر الفيس بوك