تراجع شحنات المملكة إلى الولايات المتحدة لأدنى مستوى في 35 عاما

النفط السعودي.. من حرب الأسعار إلى التخفيضات غير المسبوقة

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أثارتْ المملكة العربية السعودية غضبَ الجمهوريين في واشنطن هذا الربيع، بإرسالِ أسطول من ناقلات النفط الخام إلى أمريكا لإغراق شركات النفط الأمريكية بخام رخيص، لكنَّ المملكة عكستْ مسارها الآن؛ حيث وجهت أقل عدد من البراميل  منذ عهد الرئيس رونالد ريجان.

ووفقًا لتقديرات "ClipperData" -وهي شركة أبحاث للسلع الأساسية- استوردت الولايات المتحدة 264 ألف برميل يوميا فقط من الخام السعودي خلال أغسطس، وهذا أقل بنسبة 50% تقريبًا من متوسط ​​العام 2019. وفي حال تأكد هذه الأرقام، من خلال إحصاءات حكومية رسمية، فسيكون ذلك أقل كمية لصادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة منذ عام 1985.

وقال مات سميث مدير أبحاث السلع في كليبر داتا، لشبكة سي.إن.إن بيزنس، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "جفت تدفقات النفط الخام السعودي المتجهة إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي".

وعكس المسار من قبل المملكة العربية السعودية -من إغراق الولايات المتحدة عن عمد بفائض النفط الخام إلى كبح تصدير البراميل- يؤكد جهود المملكة لإنعاش أسواق الطاقة الراكدة خلال وباء كورونا.

وفي مارس وأبريل، دخلت المملكة العربية السعودية في حرب أسعار ضخمة مع روسيا في أسوأ وقت ممكن. صُممت زيادة الشحنات السعودية إلى الولايات المتحدة لإغراق السوق ومزاحمة المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، بما في ذلك  بعض الآلات في نورث داكوتا وتكساس وأوكلاهوما.

ولسوء الحظ، انخفض سعر الخام الأمريكي بمعدالات سلبية في أواخر أبريل للمرة الأولى على الإطلاق. وتقدمت أكثر من عشرين شركة نفط أمريكية بطلب إفلاس والعديد منها على حافة الهاوية الآن. وتوصلت السعودية منذ ذلك الحين إلى "هدنة" مع روسيا، مما يمهد الطريق لخفض غير مسبوق في الإنتاج من جانب منظمة أوبك وحلفائها المعروف باسم "أوبك بلس". وأدت هذه التخفيضات، جنبًا إلى جنب مع انتعاش الاقتصاد العالمي، إلى رفع سعر الخام الأمريكي من سالب 40 دولارًا للبرميل في أواخر أبريل إلى 43 دولارًا اليوم.

وقال روبرت مكنالي رئيس شركة رابيدان إنرجي جروب للاستشارات لشبكة "سي.إن.إن بيزنس" عبر بريد إلكتروني "الانهيار في واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من المملكة العربية السعودية.. يعكس التذبذب من المنافسة الملحمية على حصص أوبك بلس في الربيع إلى التخفيضات والانضباط غير المسبوق خلال الصيف".

وليس من قبيل المصادفة أن المملكة العربية السعودية تركز جهودها على الولايات المتحدة. فهي ليست فقط أكبر مستهلك للنفط في العالم، لكن الولايات المتحدة تمثل السوق الأكثر وضوحا لمجتمع الاستثمار. والإحصاءات المتعلقة بتدفقات النفط والمخزونات تحرك الأسواق لأنها موثوقة وتصدر أسبوعيًّا.

وقال سميث: "تمتلك الولايات المتحدة أكثر أسواق البيانات شفافية وأنسب توقيت. ويحصل السعوديون على أكبر قدر من الأرباح".

وبعيدًا عن تأثير السوق، رُبما تعمل المملكة أيضًا على العودة إلى الحياة الجيدة لواشنطن. وأعرب الرئيس دونالد ترامب، الذي عادة ما يكون من محبي النفط الرخيص، عن استيائه بشأن إستراتيجية النفط السعودية، خوفا من أن تضر شركات النفط الأمريكية. وتقدم العديد من شركات النفط البارزة بطلبات الإفلاس، وحصل ترامب على الثناء لتوسطه في تخفيضات إنتاج أوبك بلس القياسية.

وقالت هيليما كروفت رئيسة إستراتيجية السلع العالمية في "آر.بي.سي كابيتال ماركاتس" إنَّ هناك "مكونًا سياسيًّا" لإستراتيجية المملكة العربية السعودية لخفض الشحنات إلى الولايات المتحدة. وأضافت كروفت -وهي محللة سابقة في وكالة المخابرات المركزية: "إذا كنت تريد أن تُظهر لواشنطن أنك جاد بشأن استعادة الشراكة الأمريكية-السعودية، فالنفط عامل في اتخاذ هذا القرار".

وتوجيه المملكة العربية السعودية لناقلات النفط بعيدًا عن الشواطئ الأمريكية، نبأ سار لترامب.

ووفقًا للتقديرات الأولية لشركة كليبر داتا، من المتوقع إن يصل عدد قليل من السفن المحملة بالخام السعودي إلى الولايات المتحدة قبل أكتوبر المقبل. في حين أن واردات المملكة العربية السعودية لشهر سبتمبر في طريقها للانخفاض بنسبة 47% لتصل إلى 140 ألف برميل فقط.

لكن في حال امتناع السعودية عن تصدير المزيد من النفط الخام ما قد يتسبب في ارتفاع أسعار البنزين إلى 3 دولارات للجالون مجددا قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل، فمن المتوقع أن يغير ترامب لهجته.

تعليق عبر الفيس بوك