طالب المقبالي
انتشرت مؤخرًا محلات كبرى في عدد من ولايات السلطنة تسوق الأدوات القرطاسية ومستلزمات المدارس والأحذية والحقائب والعديد من البضائع المنزلية بأسعار لا يُمكن أن يطلق عليها "تنافسية"؛ فالتنافسية تبنى على أُسس تِجارية تعتمد في مضمونها على العرض والطلب وجودة البضائع المباعة.
والتنافس له معايير معينة يعيها البائع والمشتري وهي تسير في إطار من الطرق التجارية المشروعة التي ينظمها السوق وتنظمها القوانين التجارية في كل بلد وتخضع للرقابة من قبل وزارة التجارة والصناعة وهيئة حماية المستهلك وغرفة تجارة وصناعة عمان.
إلا أن الواقع الذي أود أن أكشف حقيقته بناءً على شكاوى من التجار العمانيين أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتضررين في المقام الأول من تلك المراكز التي تبيع بأسعار زهيدة دون أسعار شرائها من المصدر بأضعاف مُضاعفة؛ أحد هؤلاء التجار أرسل لي مقطعًا صوتيًا لمحادثة جرت بينه وبين أحد تجار الجملة في الخارج عبر تطبيق الواتساب يستفسر فيها عن سعر البيع بالجملة لسلعة من السلع التي تباع هنا في السلطنة فوجد أنَّ الفارق يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أضعاف أعلى من سعر بيعها بالمفرق في هذه المراكز، في حين يشتريها التاجر العُماني بالسعر الذي ذكر في المحادثة ويبيعها بهامش ربح بسيط.
والغريب أنَّ هذه المراكز لا تستورد مباشرة من الصين وإنما تستوردها من إحدى الدول المجاورة، وبعضها من نفس المتاجر التي يقصدها التاجر العماني.
وتجد هذه المراكز ترويجًا غير طبيعياً من رواد ومشاهير السوشال ميديا، مما جعل التهافت عليها غير طبيعي، وبالتالي هجر الناس المكتبات والمحلات التي يديرها الشباب العماني من أصحاب وصاحبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ولا نُريد التشكيك ولكن الشكوك تفرض نفسها أنَّ هناك أمورا غير طبيعية وغير منطقية، وقد نوَّه بعض التجار إلى احتمال وجود أهداف لتقويض وإجهاض مسيرة هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيما يطالب هؤلاء الشباب بضرورة التدخل السريع من قبل الجهات المعنية في البلاد لتقصي الغايات والأهداف من قيام هذه المراكز في تحطيم السوق العماني، وبالتالي القضاء على المستثمر الصغير في هذه البلاد. وهناك تخوف كبير لدى المستثمر العماني من منافسة المستثمرين الأجانب الذين أتاح لهم القانون الجديد للاستثمار في السلطنة -والذي بدأ تطبيقه مع مطلع هذا العام- إمكانية استثمار الأجنبي دون الحاجة إلى شريك عُماني.
هذا الهاجس يُثير الشكوك لدى المستثمر العُماني من التلاعب بالسوق المحلي، ما لم تكن هناك رقابة حقيقية في هذا الجانب.
وهناك شكاوى قدمت للهيئة العامة لحماية المستهلك بتفاوت الأسعار بين المراكز التجارية والمحلات الصغيرة التي يُديرها الشباب العماني، فكان الرد دومًا بأنَّ المحلات والمراكز الكبرى تشتري أو تستورد بضائع بكميات كبيرة مُقارنة مع التاجر الصغير مما يقلل نسبة هامش الربح وبالتالي وجود هذا الفارق الكبير في الأسعار.
ويذكر أحد التجار في ولاية من ولايات السلطنة أنَّه كان لديه مركز تجاري وكان يبيع أدوات مدرسية وأدوات منزلية ودراجات هوائية، وأحذية وغيرها من البضائع، وكان يُحقق أرباحًا كبيرة .. فيتراوح دخله اليومي بين 500 ريال إلى خمسة آلاف ريال في اليوم في المُناسبات كالأعياد إلى أن فتح أحد المستثمرين الأجانب مركزًا مُماثلًا يتاجر في نفس البضائع التي يبيعها التاجر العماني، فانهارت تجارته وانخفض دخله اليومي إلى أن وصل 100 ريال في اليوم، في حين أن قيمة الإيجار الشهري للمركز كانت 1800 ريال، ومع ذلك كان المركز في السابق يحقق أرباحًا كبيرة، مما اضطر التاجر العماني إلى الاستغناء عن المركز الكبير واستئجار محل صغير لتسيير تجارته المحاصرة.