قابوس قال ما يريد قوله!

محمد بن عيسى البلوشي

يوليو.. شهرٌ عزيزٌ لدينا في عُمان، فذكراه ارتبطت بنهضة قابوسية حديثة بزغ فجرها على بلادي قبل 50 عاما من الآن، صبحٌ أطل بنوره على كل شبر من مسندم إلى ظفار، وأظلنا بإنجازاته الوارفة، ليكتمل مشهد النهار العماني بنهضة حديثة أرادها مؤسسها الراحل. فقابوس قال كل ما يريد قوله وفعل.

كلمات النهضة الأولى لا تزال صداها تمر على أبناء الجيل الذي عاش تفاصيل الحكاية،"سأعمل" أهم وعد قطعه السلطان المؤسس لنهضة عمان الحديثة على نفسه من أجل حاضر ومستقبل أبناء شعبه، وأوفى بعهده بطريقة غير مألوفة بين سلاطين وزعماء العالم، أخذت من عمره المبارك جهد العمل المتواصل، ومد جسور التواصل بين القيادة والشعب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك ليوجد منهجا قياديا فريدا.

قابوس قال كل ما يريد قوله في الخطابات الرسمية، واللقاءات السنوية، والجولات الميدانية، والزيارات الداخلية والخارجية. لم يبخل على وطنة وأمته بنصح محب وتوجيه صديق وجهد وفي وعمل مخلص، لم يقول الا ما كان ينفع ويجمع ويبني ويعمر، لم يقل الا حقا ولم ينطق الا صدقا.

ما جعلني أستذكر هذه المدرسة اليوم هو كتاب "كيف تقول ما تريد" وجدته بين أرفف المكتبة السلطانية السامية، ونقله إلينا المصور الخاص خلال استقبال السلطان الراحل لأحد ضيوف عمان. وهذا دليل واضح وجلي بنهم المغفور له بإذن الله تعالى بالقراءة والاطلاع ومعرفة العلوم والأخبار النافعة.

وأجد أن السلطان قابوس- طيب الله ثراه- ترك خلفة منهجا حديثا يوجهنا كيف نقول كل ما نريد قوله بالطريقة التي تترك الأثر الإيجابي والفاعل، نختار الأوقات الصحيحة والعبارات القريبة الى النفوس البشرية، ونستشهد من الإرث والتاريخ أمثلة تتناسب ورسالتنا التي نريد.

السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور، قال في رسالته الأخيرة لأبناء شعبة الوفي "وإننا إذ نضرعُ إلى الله العلي القدير أن يكون عند حسن الظن الذي دعانا إلى اختياره، والثقة التي دفعتنا إلى تقديمه، فإننا ندعوكم جميعًا إلى مبايعته على الطاعة في العُسر واليُسر، والمنشطِ والمكره، وأن تكونوا له السند المتين، والناصح الأمين، مُعتصمين دائمًا تحت قيادته بوحدة الصف، والكلمة، والهدف، والمصير"، وهذا هو الدرس الاخير الذي سنمضي على ضياء نوره، ومنهجة الحكيم، وافين لسلطاننا هيثم بن طارق المعظم، فعمان في عهده السعيد ماضية في نهضتها الميمونة المباركة.