محمد بن عيسى البلوشي
من منَّا لا يُعاني في عمله، ومن منَّا لا يعاني نحو تحقيق أحلامه، من منا لا يُعاني مع محيطه، من منَّا لا يعاني لبلوغ غايته.. ومع ذلك يتحرك الطامحون نحو أحلامهم بكل همة وعزيمة وإصرار، وقودهم في ذلك "الشغف" الذي يُحيط بأفكارهم ويملأ قلوبهم وينور بصيرتهم.
إن محرك "الشغف" لا يحدده معنى إنساني مهما كانت التجارب متعددة، ولا يشبهه سلوك مهما كانت الممارسات متنوعة، ولا يحيطه مكان مهما كانت السموات عالية والأراضي منبسطة، "إن الشغف هو الرغبة الجامحة التي تقود الإنسان لبلوغ الهدف مهما تنوعت تضاريس الطريق، وتعددت ظروفه وأشكاله".
البصيرة الإنسانية الطامحة إلى بلوغ أسمى الغايات في أسرتها ومجتمعها ووطنها، تجعل من الشغف أساسا لمسيرها نحو الغد بكل عزم وثبات وصدق وإخلاص، ولا تنظر إلى أحداث الإنسان الوقتية على أنها مثبطات العزيمة؛ بل تنظر إليها كمحطات لاختبار مختلف التحديات، "فبصر الإنسان قاصر ومحدد وبصيرته هي من تقوده نحو الهدف غير المرئي".
لا شك أننا في حاجة إلى أن نتزود من طاقة "الشغف" بشكل دائم، وأن نجددها بأدواتنا وقيمنا وثقافتنا الإنسانية والتي تجعل من فعل الأعمال النافعة سلوكا حميدا نحو تطوير أسرنا ومجتمعنا ومؤسساتنا ووطننا. وعلى الأمهات أن يرضعن مواليدهن من هذه الطاقة الحميدة كي ينشئن بأمر الله جيلا قويا وطموحا يتمتع بشغف عالٍ نحو تحقيق أهدافه الخاصة والعامة.
إنَّ "الشغف" هو محرك التطوير والنجاح والتوفيق، وبدون ذلك قد لا نصل إلى وجهاتنا الحياتية الرائعة التي أمر الإسلام بالسعى نحوها وطلبها وكأننا مخلدون في هذه الحياة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا"، نتلمس فيها سنن الكون فينا نحو التطور وتحقيق الغايات.