موسكو أثرت على استفتاء "بريكست".. وأثرياء روس طوقوا "نخبة لندن"

"تقرير روسيا".. رصد بريطاني لمحاولات "الدب" التدخل في السياسة البريطانية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

كشف النقاب عن "تقرير روسيا" وهو التقرير الذي أعدته السلطات البريطانية حول تدخل موسكو المزعوم في سياسات المملكة المُتحدة، عبر عمليات تضليل واسعة النطاق ونشاط سيبراني خبيث فضلاً عن تأثير الروس الأثرياء على التلاعب بالسياسة البريطانية.

ونشرت لجنة المخابرات والأمن بالبرلمان البريطاني التقرير، وهي اللجنة التي تشرف على عمل وكالات المخابرات البريطانية. ويتضمن هذا التقرير كذلك مدى تدخل روسيا في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل 4 سنوات. والتقرير البالغ الأهمية يتألف من 47 صفحة، وظل حبيس الأدراج لأكثر من عام، لكنه يُقدم تقييمًا شديد اللهجة لفشل حكومة المملكة المتحدة في فحص المحاولات الروسية للتأثير على مسار تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما وصف التدخل الروسي في البلاد بأنَّه "التدخل الجديد المُعتاد".

وقال عضو اللجنة ستيوارت هوزي من الحزب الوطني الأسكتلندي خلال مؤتمر صحفي: "لم يكن هناك أي تقييم للتدخل الروسي في استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهذا يعود إلى حقيقة ألا أحد يرغب في الاقتراب من هذه القضية"، مما أثار أسئلة حول جهود الحكومة البريطانية لحماية نزاهة انتخاباتها.

ورصدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية 4 نقاط رئيسية في هذا التقرير.

  1. عدم مراعاة علامات الإنذار المبكر

في حين أن روسيا شحذت منذ فترة طويلة مهاراتها في القرصنة والتضليل وطبقتها على الدول المجاورة في أوروبا الشرقية، يشير التقرير إلى أنَّ جهود روسيا للتأثير على الناخبين في أسكتلندا قبل استفتاء الاستقلال عام 2014، كانت أول محاولة روسية معروفة للتدخل في العمليات الديمقراطية في دولة غربية. وقالت راشيل إلهاوس نائبة مدير برنامج أوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن من المدهش أنه "منذ عام 2014، ومعرفة أهداف وتكتيكات الروس، لم يتخذ البريطانيون خطوات أكثر حسماً".

لكن بعد اختراق عملاء روس وتسريب رسائل بريد إلكتروني داخلية من أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي في انتخابات 2016، "أدركت الحكومة متأخراً مستوى التهديد الذي يُمكن أن تشكله روسيا في هذه المنطقة"، حسبما ورد في التقرير، وهو إدراك جاء بعد شهر واحد من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويضيف التقرير أنَّه إذا كان قد تم إجراء تقييم قبل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "فمن غير المتصور أنهم ما كانوا ليتوصلوا إلى نفس النتيجة التي حققتها روسيا، والتي ربما دفعتهم بعد ذلك إلى اتخاذ إجراءات لحماية العملية".

  1. ليس تقرير مولر البريطاني

ويوضح التقرير أن العملية الفعلية للتصويت في المملكة المتحدة آمنة إلى حد كبير بسبب استمرار استخدام بطاقات الاقتراع الورقية. لكن الأسئلة حول ما قد تفعله روسيا في محاولة للتأثير على تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومدى فعالية جهودها، لا تزال دون إجابة، والأهم من ذلك أنه لم يتم فحصها من قبل الحكومة البريطانية، وفقًا للتقرير.

وقال التقرير "يبدو أنَّ الأدلة المكتوبة المقدمة لنا تشير إلى أنَّ حكومة جلالة الملكة لم تر أو تسعى للحصول على أدلة على التدخل الناجح في العمليات الديمقراطية في المملكة المتحدة أو أي نشاط كان له تأثير مادي على الانتخابات، على سبيل المثال التأثير على النتائج".

ولم تتلق اللجنة أيضًا أي تقييمات من الحكومة البريطانية أو المُخابرات لمدى جهود روسيا للتدخل في التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وورد في التقرير: "هذا الموقف يتناقض بشكل صارخ مع تعامل الولايات المُتحدة مع مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016؛ حيث تمَّ إصدار تقييم مجتمع الاستخبارات في غضون شهرين من التصويت، مع نشر ملخص غير مصنف".

وفي واشنطن، رسمت تحقيقات الكونجرس، وتقرير المحقق مولر، وتقييمات أجهزة المخابرات، واتهامات جنائية، صورة مفصلة وعلنية لجهود موسكو لإثارة الخلاف وإمالة دفة الانتخابات الرئاسية لصالح دونالد ترامب. وأجرى المُستشار الخاص روبرت مولر- في التحقيق الذي استمر عامين- مُقابلات مع حوالي 500 شاهد وأصدر أكثر من 2800 أمر استدعاء كجزء من التحقيق.

وقال مارك جالوتي خبير المُخابرات الروسية والجريمة المُنظمة، إنِّه يأمل أن يتبع تقرير اللجنة تقريرا أكثر دقة على غرار مولر، مشيراً إلى ضرورة وجود "إرادة سياسية قوية".

  1. "البطاطا الساخنة"

يُشير التقرير إلى أنَّ قضية حماية نزاهة الانتخابات البريطانية أصبحت مثل "البطاطا الساخنة"؛ أي موقف حساس للغاية، مع عدم وجود وزارة حكومية أو وكالة استخبارات واحدة. وخلص التقرير إلى أنَّه على هذا النحو كان من الصعب في بعض الأحيان تحديد من المسؤول عن ماذا.

فوكالات المُخابرات، التي يُنظر إليها على أنَّها جزء من العملية الديمقراطية، لم تر أن الدفاع عن النزاهة الانتخابية من التدخل الأجنبي مسؤوليتها الأساسية، مما يشير إلى أنَّ هذه المهمة تقع على عاتق إدارة الشؤون الرقمية، والثقافة، والإعلام، والرياضة، والانتخابات. وعندما سألت اللجنة عن جهود التضليل الروسية، ردت وكالة المخابرات الداخلية البريطانية، المعروفة باسم MI5، مبدئيًا بـ"ستة أسطر فقط"، حسبما جاء في التقرير.

  1. لندن والأموال الروسية

ليس سراً أنَّ لندن غارقة في الأموال الروسية، التي تدفقت إلى المدينة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. ومكّن انتشار المحامين وشركات العلاقات العامة والمحاسبين ووكلاء العقارات الروس المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من غسل سمعتهم وأموالهم في العاصمة البريطانية. ولم يصل التقرير إلى حد تسمية أشخاص بعينهم، لكنه يشير إلى أنَّ الروس الأثرياء الذين لديهم شبكات علاقات واسعة أصبحوا الآن يتحكمون في نخبة لندن.

ويقول التقرير "من المُعترف به على نطاق واسع أنَّ الاستخبارات الروسية والأعمال التجارية متشابكة تمامًا"، مشيرًا إلى أنَّ أي محاولات لاحتواء تأثير الروس الأثرياء من المرجح أن تتخذ الآن شكل السيطرة على الضرر، بدلاً من الوقاية منه.

تعليق عبر الفيس بوك