عود كبريت

قصة قصيرة بقلم: طفول سالم

حين همت بترتيب شعرها؛ نظرت لوهلة في المرآة، أستدركت بأنه قد مر وقت طويل، طويل جدا، لم تتأمل وجهها، ولم تر تلك الملامح، وذلك السواد الذي يحيط بعينيها.

لم تغير تسريحة شعرها منذ أمد، شعرت للحظة بوخز في كفها الأيسر، وضعت يدها على قلبها لتخفف من حركته المفرطة، رمشت عينها بدون توقف، بدا عليها حنينها وإن خبأته بين ضلوعها، تظاهرت باللامبالاة. أغلقت الضوء، لترى انعكاس الشمس من خلف ستارة يهزها نسيم الهواء العابر؛ لتستدل على غروب قرص الشمس وهو يحترق بهدوء.

مرت أيامها كخليط كوني انصهرت فيه الآلام؛ وتجرد معنى حياتها من كل التأويلات؛ ليست شيئا، وهي كل شيء، طينة سماوية حكم عليها  بإنخماد نيرانها في صدرها، ثم نظرت بكل شتات باحثة عن نفسها.  لا شك بأنها تفكر بماذا لو استعادت الماضي؟ ولم تقع في توهان الروح وقتها، ولكن اللحظة التي أدركت  بأن  بريق الحياة خادع؛ وعليها أن ‏تمضي  بحثاً عن أشياءها الخاصة؛ ‏مشاعرها  المهدرة، ‏كل ما كان في جعبة أمنياتها.  ‏تباً.. تنهدت وأومأت بأسى: "‏عدنا لكي نبحث عن ‏تلك الأشياء التي تقبع في مخزن أرواحنا!!

أريد أن أكون لا مبالية، أن لا يعني لي هذا العالم شيئا، مثل عود كبريت محترق ولا يخيفه إشعال النار فيه.

شعرت انها تركض مذعورة من حطام حياتها؛ شعرت بخفة كلما زادت في خطواتها، لكن ما لم تدركه أنها كانت تفقد كل جزء منها حتى تلاشت وبقيت روحها تركض في الخفاء.

تعليق عبر الفيس بوك