وإنا على استهتاركم لمستاؤون

سعيد بن حميد الهطالي

إننا نشعر بالامتعاض والألم، ونتضامن مع استياء اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناجمة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد۱۹) من استهتار الكثير، والكثير جداً  بالصحة والحياة.. ، فعدم الاكتراث واللامبالاة وعدم الالتزام بالضوابط والتقيد بالتعليمات، والاستهانة بخطر إنتشار العدوى وتفشي الإصابة بالمرض ينبع من عدم الإحساس بالمسؤولية الذاتية، وعدم الوعي بفداحة المشكلة، وضعف الإرادة الطاغية على قوة القدرة على تنظيم الواقع، وقوة التعاطي مع حدة انتشار الوباء للانجراف وراء ما هو عاطفي على حساب ما هو واقعي وعقلاني!.

إن الإحصائيات والأرقام اليومية تتحدث عن الحقيقة التي لا مراء فيها، الإصابة من الرقم الألف وأعلى وليس من الألف وأدنى، بالإضافة إلى عدد الوفيات ، حصاد يومي زرعه الاستهتار والاستهانة بالمشكلة ،وعدم الوعي والإحساس بحجم المعضلة التي تجر الوطن إلى كارثة لو سار الوضع على نفس الوتيرة أو أخذ في تصاعد.

إن الحكومة قد اتخذت الإجراءات والتدابير، وحشدت إمكانياتها من أجل توفير الحماية للمواطن والمقيم في سبيل أن يتكاتف الجميع للمحافظة على هذه الجهود المبذولة التي ليس من العدل أن تذهب سدى، بل يجب أن يتم فيها التعاون وبذل قصارى الجهد من أجل تجاوز هذه الأزمة، فلا أسوء من الاستخفاف بخطر المشكلة التي ستنهدم فيها كافة جهود الوقاية والتصدي والمواجهة مما سيتيح لعوامل الهدم أن تمد معاولها لنسف جدران البناء، وينطبق فيها قول الشاعر:

"  مــتــى يبلغ الـبـنـيـان يـــــومـــاً تـــمــامـــــه

إذا كــنــت تــبـنـيـه وغـيــرك يــهـدم ".

 

إن الحل الوحيد لقهر هذا الوباء والانتصار عليه ليس في إيجاد مصل أو لقاح طبي لكي يعالج به، والذي يتعذر أصلاً توفره والعثور عليه حالياً ، إنما بالوقاية التي يجب أن يسعى للالتزام بها الجميع والتي تتطلب قدراً كبيراً من الرغبة والإرادة والعزيمة والإصرار، فإننا أمام عدو شرس فرض نفسه بشدة ضعفت أمام قوته أعتى ترسانات الحرب وتكنولوجيا التسليح ،فطبيعة المعركة معه يجب أن تكون مختلفة تكتيكياً ، فبعد أن تعرفنا على قدرات عدونا الحقيقية فأفضل طريقة للتصدي له هو منعه من الهجوم علينا ،وامتلاك أساليب السيطرة عليه.. ولا يمكن أن تحقق تلك الطرق النجاح إلا من خلال سد جميع الثغرات التي من الممكن أن يدخل منها ، أو الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها وينتقل منها .

 

فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما هو المطلوب منا، ما الذي يمكن فعله ؟

يجب أن يكون جوابنا هنا عملياً لا نظرياً تتخلله ممارسات وتصرفات يجب أن تمارس، وأخرى يجب أن تترك مستندة إلى واقع حياتي ينبغي أن ينظّم، وعادات يومية يجب أن تقنّن، نكون من المفترض اليوم قد تجاوزناها واستوعبناها وفهمنها، واتقنا أساليب تطبيقها سلوكياً على واقع حياتنا، ونكون قد وفرنا الكثير من الجهود والإمكانيات، وجنبنا أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا الكثير من الضغوطات والأعباء ..

فالجواب: يتطلب منا امتلاك القدرة على الضبط الذاتي، والتحكم بالنفس والتحلي بالشجاعة الكافية على كبح أهواء النفس، ومواجهة كل ما يتعارض مع القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية والصحية والاجتماعية التي تدخل ضمنياً وتلقائياً في رعاية مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهي الحفاظ على صحة الإنسان، كذلك يجب التقيد والالتزام بجميع الإرشادات والضوابط، والتعليمات الصادرة من الجهات المعنية والمختصة بالدولة، للوقاية من المرض والحد من انتشاره بين أفراد المجتمع، والعمل بتوصيات اللجنة العليا المكلفة  من خلال تعزيز الثقافة التوعوية لدى أفراد المجتمع من خلال اتباع السلوكيات والممارسات الصحية السليمة، التي يجب ممارستها في تعاملاتهم اليومية، والالتزام بكل ما حددته منظمة الصحة العالمية والجهة الصحية في السلطنة، وما هي إلا فترة وتعّدي مثلما عدَى ما قبلها ،فيا رب أيام تمر ولا تضر.