طالب المقبالي
راودني شعور حين زرت زنجبار مُنتصف ثمانينيات القرن الماضي، وذات الشعور تكرر حين زرت الهند بعد عام من تلك الزيارة بأنَّ طبيعة البلدين تشبه إلى حد كبير طبيعة محافظة ظفار من ناحية المناخ وزراعة جوز الهند "النارجيل".
في زنجبار هناك تكثر زراعة جوز الهند وأشجار البن والهيل والمانجو والعنب والفافاي والأناناس وفواكه كثيرة.
وفي الهند أيضاً تزرع هذه المنتجات إضافة إلى منتجات أخرى غير موجودة في زنجبار، والسؤال الذي يطرح نفسه "لماذا لا نجد في محافظة ظفار مثل هذه المحاصيل؟ لا سيما وأن البيئة التي صلحت فيها زراعة جوز الهند هي شبيهة بالبيئة في هذه المحافظة. في حين لا نجد سوى أشجار جوز الهند والموز والفافاي والليمون.
كذلك هناك طبيعة قريبة جداً إلى طبيعة محافظة ظفار، وهي الجمهورية اليمنية التي بدأت في السنوات الأخيرة تصدر للعالم منتجاتها الزراعية كالرمان والمانجو والعنب وغيرها من المنتجات الزراعية ذات الجودة العالية.
فما الذي يمنع من استصلاح الأراضي الزراعية في هذه المحافظة في الجزء المتأثر من ظاهرة "مونسون" الموسمية والتي تعرف محلياً بموسم الخريف وتتأثر بها مُعظم الولايات الساحلية والجبال المجاورة بالمحافظة والممتدة من ولاية ضلكوت غرباً وحتى ولاية مرباط شرقاً، مع ضرورة إنشاء سدود كبيرة لحجز مياه الأودية كسد صحلنوت أو أكبر منه وذلك لحجز مياه الأمطار، خاصة وأنَّ محافظ ظفار قد تأثرت كثيراً بالأنواء المناخية المختلفة خاصة منذ العام 2007 وحتى هذا العام، حيث شهدت المحافظة منخفضاً جوياً هذا العام كان الأكثر منسوباً للمياه عنه في الأعاصير التي شهدتها المحافظة منذ عام 2007، فمن المحزن أن تذهب هذه المياه إلى البحر دون الاستفادة منها في إقامة المشاريع الزراعية التي ستوفر للبلاد مورداً هاماً من الناتج الوطني للبلاد إلى جانب النفط والغاز والثروة السمكية وبعض الصناعات.
نعم هناك توجه حثيث للزراعة في مناطق نجد، وقد سررنا كثيراً بالنتائج الزراعية التي أعلن عن تحقيقها هذا العام في مزارع نجد بولاية ثمريت بمحافظة ظفار بعودة المزارعين إلى زراعة القمح بعد تجارب سابقة، حيث أنتج المزارعون هذا العام ما يقارب 95 طناً من القمح وبجودة عالية، حيث تمت زراعة 60 فداناً من هذا المنتج الهام والحيوي.
مما يُبشر بتغطية احتياجات السلطنة بحوالي 90% من محصول القمح و80% من المنتجات الأخرى من الخضار والفواكه.
وفي تقرير مرئي سابق ذكر المعنيون في المحافظة أن المساحة الزراعية في منطقة نجد تبلغ 40 ألف كيلو متر مربع، فهذه المساحة كافية لتحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية.
كما يُشير التقرير إلى أنَّ هناك 115 مزرعة تنتج 27 ألف طن من الخضار سنوياً، وتصل إنتاجية الحشائش إلى أكثر من عشرة ملايين ربطة في العام، كما تنتج أكثر من 39 ألف نخلة أكثر من حوالي ألف طن من التمور، و143 ألف طن من محاصيل الفاكهة المتنوعة.
ونظراً للنتائج المبشرة بالخير في منطق النجد، فإننا نتطلع إلى قيام المعنيين بالتجارب الزراعية في الشريط المتأثر بالمناخ الموسمي بتجربة زراعة البن والهيل والقرنفل والبهارات الأخرى، فكما كُتب النجاح لهذه المنتجات في أجواء شبيهة بأجواء محافظة ظفار، فمما لا شك فيه أنّ هذه المحاصيل ستنجح في هذه المحافظة الواعدة.